1114 - آذنتنا ببينها أسماء رب ثاو يمل منه الثواء
وفي قوله تعالى: "آذنتكم". وقيل: الهمزة في "فأذنوا" للصيرورة لا للتعدية، والمعنى: صيروا عالمين بالحرب، قاله وفيه بعد كبير. أبو البقاء،وقراءة الباقين أمر من: أذن يأذن أي علم يعلم أي: فاعلموا يقال: أذن به فهو أذين، أي: علم به فهو عليم.
ورجح جماعة قراءة قال حمزة. "لولا أن الجماعة على القصر لكان الاختيار المد. ووجه ذلك أن آذن بالمد أعم من أذن بالقصر، لأنهم إذا أعلموا غيرهم فقد علموا هم ضرورة، من غير عكس، أو يعلمون هم بأنفسهم ولا يعلم غيرهم". قال: "وبالقصر قرأ مكي: وجماعة". علي بن أبي طالب
وعكس فرجح قراءة القصر، واستبعد قراءة المد. قال: "إذ الأمر فيه بالحرب لغيرهم والمراد هم; لأنهم المخاطبون بترك الربا" وهذا الذي قاله غير لازم; لأنك إذا كنت على حالة فقلت لك يا فلان: "أعلم فلانا أنه [ ص: 641 ] مرتكب قبيحا" وهو شيء مماثل لما أنت عليه علمت قطعا أنك مأمور به أيضا، بل هو أبلغ من أمري لك مواجهة. وكذلك قال أبو حاتم قال: "الاختيار قراءة العامة من الإذن لأنه يفسر كونوا على إذن وعلم، ولأن الكلام يجري به على وجه واحد وهو أدل على المراد، وأقرب في الأفهام". وقال ثعلب، "يقال: أذنته بالشيء فأذن به"، أي: علم، مثل: أنذرته بالشيء فنذر به، فجعله مطاوعا لأفعل. أبو عبيدة:
وقال "وإذا أمروا بإعلام غيرهم علموا هم لا محالة، ففي إعلامهم علمهم، ليس في علمهم إعلامهم غيرهم" فقراءة المد أرجح لأنها أبلغ وآكد. أبو علي:
وقال "قراءة القصر أرجح لأنها تختص بهم، وإنما أمروا على قراءة المد بإعلام غيرهم". الطبري:
وقال "وقرئ فآذنوا: فأعلموا بها غيركم، وهو من الإذن وهو الإسماع، لأنه من طرق العلم. وقرأ الزمخشري: "فأيقنوا" وهو دليل لقراءة العامة" يعني بالقصر، لأنها نص في العلم لا في الإعلام. الحسن:
وقال "والقراءتان عندي سواء، لأن المخاطب محصور، لأنه كل من لا يذر ما بقي من الربا. فإن قيل: "فأذنوا" فقد عمهم الأمر، وإن قيل "فآذنوا" بالمد فالمعنى: أعلموا أنفسكم أو بعضكم بعضا، وكأن هذه [ ص: 642 ] القراءة تقتضي فسحا لهم في الارتياء والتثبت أي: فأعلموا نفوسكم هذا، ثم انظروا في الأرجح لكم: ترك الربا أو الحرب". ابن عطية:
قوله: "بحرب" الباء في قراءة القصر قال الشيخ: "للإلصاق، تقول أذن بكذا أي: علم كذا، ولذلك قال وغيره: المعنى: فاستيقنوا بحرب من الله" قلت: قد قررت أن فعل العلم وإن كان في الأصل متعديا بنفسه فإنما يعدى بالباء لما تضمن من معنى الإحاطة فكذلك هذا، ويظهر من كلام ابن عباس أن هذه الباء ظرفية فإنه قال: "هي عندي من الإذن، وإذا أذن المرء في شيء فقد قرره وبنى مع نفسه عليه، فكأنه قيل لهم: قرروا الحرب بينكم وبين الله ورسوله"فقوله: "وإذا أذن المرء في شيء" يقتضي تقديره: "فأذنوا في حرب، ولا يتأتى هذا إلا على قراءة القصر، وأما الباء مع قراءة المد فهي معدية للإعلام بالطريق الذي قدرته. ابن عطية
قوله: "من الله" متعلق بمحذوف لأنه صفة للنكرة قبله. و "من" فيها وجهان، أظهرهما: أنها لابتداء الغاية مجازا، وفيه تهويل وتعظيم للحرب حيث هو وارد من جهة الله تعالى. والثاني: أنها تبعيضية أي: من حروب الله فهو على حذف مضاف. قال "فإن قلت: هلا قيل بحرب الله ورسوله قلت: هذا أبلغ; لأن المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله ورسوله. انتهى. وإنما كان أبلغ لأنه لو أضيف لاحتمل إضافة المصدر إلى فاعله وهو المقصود، ولاحتمل الإضافة إلى مفعوله بمعنى أنكم تحاربون الله ورسوله، والمعنى الأول أبلغ، فلذلك ترك ما هو محتمل إلى ما هو نص في المراد. الزمخشري:
[ ص: 643 ] قوله: "ولا تظلمون" فيها وجهان، أظهرهما: أنها لا محل لها لاستئنافها، أخبرهم تعالى بذلك أي: لا تظلمون غيركم بأخذكم الزيادة منه، ولا تظلمون أنتم أيضا بضياع رؤوس أموالكم. والثاني: أنها في محل نصب على الحال من الضمير في "لكم" والعامل ما تضمنه الجار من الاستقرار لوقوعه خبرا في رأي الأخفش.
وقرأ الجمهور الأول مبنيا للفاعل والثاني مبنيا للمفعول. وروى أبان والمفضل عن بالعكس. ورجح عاصم قراءة العامة بأنها تناسب قوله: الفارسي "وإن تبتم" في إسناد الفعلين إلى الفاعل، فتظلمون مبنيا للفاعل أشكل بما قبله. وقال "يقرأ بتسمية الفاعل في الأول وترك التسمية في الثاني. ووجهه أن منعهم من الظلم أهم فبدئ به، ويقرأ بالعكس، والوجه فيه أنه قدم ما تطمئن به نفوسهم من نفي الظلم عنهم، ثم منعهم من الظلم، ويجوز أن تكون القراءتان بمعنى واحد لأن الواو لا ترتب. أبو البقاء: