قوله : في بطونهم فيه وجهان أحدهما : أنه متعلق بـ "يأكلون " أي : بطونهم أوعية للنار : إما حقيقة بأن يخلق الله لهم نارا يأكلونها في بطونهم ، أو مجازا بأن أطلق المسبب وأراد السبب . الثاني : أنه متعلق بمحذوف ؛ لأنه حال من "نارا " ، وكان في الأصل صفة للنكرة فلما قدمت انتصبت حالا .
وذكر هذا الوجه عن أبو البقاء في "تذكرته " ، وحكى عنه أنه منع أن يكون ظرفا لـ "يأكلون " ، فإنه قال : أبي علي في بطونهم نارا قد تقدم في البقرة منه شيء ، ويخص هذا الموضع أن "في بطونهم " حال من "نارا " أي : نارا كائنة في بطونهم ، وليس بظرف لـ "يأكلون " ، ذكره في "التذكرة " . وفي قوله : "والذي يخص هذا الموضع " فيه نظر ، فإنه كما يجوز أن يكون "في بطونهم " حالا من "نار " هنا يجوز أن يكون حالا من "النار " في البقرة ، وفي إبداء الفرق عسر ، ولم يظهر في منع كون "في بطونهم " ظرفا للأكل وجه ظاهر . أبي علي
[ ص: 595 ] قوله : وسيصلون قرأ الجمهور بفتح الياء واللام ، وابن عامر بضم الياء مبنيا للمفعول من الثلاثي . ويحتمل أن يكون من أصلى ، فلما بني للمفعول قام الأول مقام الفاعل . وأبو بكر بضمهما مبنيا للفاعل من الرباعي ، والأصل على هذه القراءة : سيصليون من أصلى مثل يكرمون من أكرم ، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان ، فحذف أولهما وهو الياء وضم ما قبل الواو لتصح . وابن أبي عبلة
و "أصلى " : يحتمل أن تكون الهمزة فيه للدخول في الشيء ، فيتعدى لواحد وهو "سعيرا " وأن تكون للتعدية ، فالمفعول محذوف ، أي : يصلون أنفسهم سعيرا .
وأبو حيوة بضم الياء وفتح الصاد ، واللام مشددة ، مبنيا للمفعول من "صلى " مضعفا . قال : "والتضعيف للتكثير " . أبو البقاء
والصلي : الإيقاد بالنار ، يقال : صلي بكذا - بكسر العين - ، وقوله : لا يصلاها أي يصلى بها . وقال الخليل : "صلي الكافر النار " قاسى حرها . وصلاه النار وأصلاه غيره ، هكذا قال ، وظاهر هذه العبارة أن فعل وأفعل بمعنى ، يتعديان إلى اثنين ثانيهما بحرف الجر ، وقد يحذف . وقال غيره : "صلي بالنار أي : تسخن بقربها " ، فـ "سعيرا " على هذا منصوب على إسقاط الخافض . ويدل على أن أصل "يصلاها " يصلى بها قول الشاعر : الراغب
[ ص: 596 ]
1553 - إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم فقد خاب من يصلى بها وسعيرها
وقيل : يقال صليته النار : أدنيته منها ، فيجوز أن يكون منصوبا من غير إسقاط خافض . والسعير في الأصل : الجمر المشتعل ، سعرت النار : أوقدتها ، ومنه : "مسعر حرب " على التشبيه . والمسعر : الآلة التي تحرك بها النار .