قوله: تماما يجوز فيه خمسة أوجه، أحدها: أنه مفعول من أجله أي: لأجل تمام نعمتنا. الثاني: أنه حال من الكتاب أي: حال كونه تماما. [ ص: 227 ] الثالث: أنه نصب على المصدر لأنه بمعنى: آتيناه إيتاء تمام لا نقصان. الرابع: أنه حال من الفاعل أي متمين. الخامس: أنه مصدر منصوب بفعل مقدر من لفظه، ويكون مصدرا على حذف الزوائد والتقدير: أتممناه إتماما.
و على الذي متعلق بـ "تماما" أو بمحذوف على أنه صفة، هذا إذا لم يجعل مصدرا مؤكدا فإن جعل تعين جعله صفة.
و أحسن فيه وجهان أظهرهما: أنه فعل ماض واقع صلة للموصول، وفاعله مضمر يعود على موسى أي: تماما على الذي أحسن، فيكون الذي عبارة عن موسى. وقيل: كل من أحسن. وقيل: "الذي" عبارة عن ما عمله موسى وأتقنه أي: تماما على الذي أحسنه موسى. والثاني: أن "أحسن" اسم على وزن أفعل كأفضل وأكرم، واستغنى بوصف الموصول عن صلته، وذلك أن الموصول متى وصف بمعرفة نحو: "مررت بالذي أخيك"، أو بما يقارب المعرفة نحو: "مررت بالذي خير منك وبالذي أحسن منك" جاز ذلك واستغنى به عن صلته، وهو مذهب وأنشد: الفراء
2124 - حتى إذا كانا هما اللذين مثل الجديلين المحملجين
بنصب "مثل" على أنه صلة لـ "اللذين" المنصوب على خبر كان. ويجوز أن تكون "الذي" مصدرية، وأحسن فعل ماض صلتها، والتقدير: تماما على إحسانه أي إحسان الله إليه وإحسان موسى إليهم، وهو رأي يونس كقوله: والفراء
2125 - فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت عيسى ونصرا كالذي نصروا
وفتح نون "أحسن" قراءة العامة. وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق برفعها، وفيها وجهان، أظهرهما: أنه خبر مبتدأ محذوف أي: على الذي هو أحسن، فحذف العائد، وإن لم تطل الصلة فهي شاذة من جهة ذلك، وقد تقدم ذلك بدلائله عند قوله: ما بعوضة فيمن رفع "بعوضة". والثاني: أن يكون "الذي" واقعا موقع الذين، وأصل "أحسن" أحسنوا بواو الضمير حذفت الواو اجتزاء بحركة ما قبلها، قاله وأنشد: التبريزي
2126 - فلو أن الأطبا كان حولي وكان مع الأطباء الأساة
وقول الآخر:
2127 - إذا ما شاء ضروا من أرادوا ولا يألوهم أحد ضرارا
وقول الآخر:
2128 - شبوا على المجد وشابوا واكتهل
يريد: اكتهلوا فحذف الواو وسكن الحرف قبلها، وقد تقدم أبيات أخر كهذه في تضاعيف هذا التصنيف، ولكن جماهير النحاة تخص هذا بضرورة الشعر .
وقوله: "وتفصيلا" وما عطف عليه منصوب على ما ذكر في "تماما" . [ ص: 229 ]