2145 - أبى جوده لا البخل واستعجلت نعم به من فتى لا يمنع الجود نائله
يروى "البخل" بالنصب والجر، والنصب ظاهر الدلالة في زيادتها، تقديره: أبى جوده البخل. وأما في رواية الجر فالظاهر منها عدم الدلالة على زيادتها. ولا حجة في هذا البيت على زيادة "لا" في رواية النصب، ويتخرج على وجهين أحدهما: أن تكون "لا" مفعولا بها و "البخل" بدل منها لأن "لا" تقال في المنع فهي مؤدية للبخل. والثاني: أنها مفعول بها أيضا، والبخل مفعول من أجله والمعنى: أبى جوده لفظ "لا" لأجل البخل أي كراهة البخل، ويؤيد عدم الزيادة رواية الجر. قال الرواية فيه بخفض "البخل" لأن "لا" تستعمل في البخل، وأنشدوا أيضا على زيادتها قول الآخر: أبو عمرو بن العلاء:
2146 - أفعنك لا برق كأن وميضه غاب تسنمه ضرام مثقب
وقد زعم جماعة أن "لا" في هذه الآية الكريمة غير زائدة، لكن اختلفت عبارتهم في تصحيح معنى ذلك فقال بعضهم: في الكلام حذف يصح به النفي، والتقدير: ما منعك فأحوجك أن لا تسجد؟ وقال بعضهم: المعنى على ما ألجأك أن لا تسجد؟ وبعضهم: من أمرك أن لا تسجد؟ ومن قال لك أن لا تسجد، أو ما دعاك أن لا تسجد؟ وهذا تمحل من يتحرج من نسبة الزيادة إلى القرآن وقد تقدم تحقيقه، وأن معنى الزيادة على معنى يفهمه أهل العلم وإلا فكيف يدعى زيادة في القرآن بالعرف العام؟ هذا ما لا يقوله أحد من المسلمين.
و "ما" استفهامية في محل رفع بالابتداء، والخبر بعدها أي: أي شيء [ ص: 264 ] منعك. و "أن" في محل نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر إذ التقدير: ما منعك من السجود؟ و "إذ" منصوب بتسجد أي: ما منعك من السجود في وقت أمري إياك به. وقوله: خلقتني من نار لا محل لهذه الجملة لأنها كالتفسير والبيان للخبرية.