وقال بعضهم: المخاطب بنو آدم والمراد به أبوهم، وهذا من باب الخطاب لشخص والمراد به غيره كقوله: وإذ نجيناكم من آل فرعون إلى آخره، وإنما المنجى والذي كان يسام سوء العذاب أسلافهم. وهذا مستفيض في لسانهم. وأنشدوا على ذلك قوله:
2144 - إذا افتخرت يوما تميم بقوسها وزادت على ما وطدت من مناقب فأنتم بذي قار أمالت سيوفكم
عروش الذين استرهنوا قوس حاجب
وهذه الوقعة إنما كانت في أسلافهم. [ ص: 261 ] والترتيب أيضا واضح على هذا. ومن قال: إن الأولى للترتيب الزماني والثانية للترتيب الإخباري اختلفت عباراتهم أيضا. فقال بعضهم: المراد بالخطاب الأول آدم وبالثاني ذريته، والترتيب الزماني واضح، و "ثم" الثانية للترتيب الإخباري. وقال بعضهم: ولقد خلقناكم في ظهر آدم ثم صورناكم في بطون أمهاتكم. وقال بعضهم: ولقد خلقنا أزواجكم ثم صورنا أجسامكم. وهذا غريب نقله القاضي أبو يعلى في "المعتمد". وقال بعضهم: خلقناكم نطفا في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء. وقال بعضهم: ولقد خلقناكم في بطون أمهاتكم وصورناكم فيها بعد الخلق بشق السمع والبصر، فـ "ثم" الأولى لترتيب الزمان، والثانية لترتيب الإخبار.
وقوله: إلا إبليس تقدم الكلام عليه في البقرة. وقوله "لم يكن" هذه الجملة استئنافية لأنها جواب سؤال مقدر، وهذا كما تقدم في قوله في البقرة "أبى". وتقدم أن الوقف على إبليس. وقيل: فائدة هذه الجملة التوكيد لما أخرجه الاستثناء من نفي سجود إبليس. وقال "إنها في محل نصب على الحال أي: إلا إبليس حال كونه ممتنعا من السجود". وهذا كما تقدم له في البقرة من أن "أبى" في موضع نصب على الحال. أبو البقاء: