2165 - وقاسمها بالله جهدا لأنتم ألذ من السلوى إذا ما نشورها
قوله: لكما لمن الناصحين يجوز في "لكما" أن يتعلق بما بعده على أن أل معرفة لا موصولة، وهذا مذهب أبي عثمان، أو على أنها الموصولة ولكن تسومح في الظرف وعديله ما لا يتسامح في غيرهما اتساعا فيهما لدورانهما في الكلام، وهو رأي بعض البصريين وأنشد:
2166 - ربيته حتى إذا تمعددا كان جزائي بالعصا أن أجلدا
فـ "بالعصا" متعلق بأجلد وهو صلة أن، أو أن ذلك جائز مطلقا ولو في المفعول به الصريح، وهو رأي الكوفيين وأنشدوا:
2167 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . وشفاء غيك خابرا أن تسألي
ونصح يتعدى لواحد تارة بنفسه وتارة بحرف الجر، ومثله شكر، وقد تقدم، وكال ووزن. وهل الأصل التعدي بحرف الجر أو التعدي بنفسه أو كل منهما أصل؟ الراجح الثالث. وزعم بعضهم أن المفعول في هذه الأفعال محذوف وأن المجرور باللام هو الثاني، فإذا قلت: نصحت لزيد فالتقدير: نصحت لزيد الرأي. وكذلك شكر له صنيعه وكلت له طعامه ووزنت له متاعه فهذا مذهب رابع. وقال "العرب لا تكاد تقول: نصحتك، إنما يقولون نصحت لك وأنصح لك"، وقد يجوز نصحتك. قال الفراء: النابغة:
2168 - نصحت بني عوف فلم يتقبلوا رسولي ولم تنجح لديهم وسائلي
وهذا يقوي أن اللام أصل.
والنصح: بذل الجهد في طلب الخير خاصة، وضده الغش. وأما "نصحت لزيد ثوبه" فمتعد لاثنين لأحدهما بنفسه، وللثاني بحرف الجر باتفاق، وكأن النصح الذي هو بذل الجهد في الخير مأخوذ من أحد معنيين: إما [ ص: 281 ] من نصح أي أخلص، ومنه: ناصح العسل أي خالصه، فمعنى نصحه أخلص له الود، وإما من نصحت الجلد والثوب إذا أحكمت خياطتهما، ومنه الناصح للخياط والنصاح للخيط، فمعنى نصحه أي: أحكم رأيه منه. ويقال: نصحه نصوحا ونصاحة قال تعالى: توبوا إلى الله توبة نصوحا بضم النون في قراءة أبي بكر، وقال الشاعر في "نصاحة" :
2169 - أحببت حبا خالطته نصاحة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وذلك كذهوب وذهاب.