إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم
قوله تعالى: إذ أنتم بالعدوة الدنيا قرأ ابن كثير ، "بالعدوة" و"العدوة" العين فيهما مكسورة . وقرأ وأبو عمرو: نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، بضم العين فيهما . قال والكسائي: لم يسمع من الأخفش: العرب إلا الكسر . وقال بل الضم أكثر اللغتين . قال ثعلب: عدوة الوادي وعدوته: جانبه; والجمع: عدى وعدى . والدنيا: تأنيث الأدنى; وضدها القصوى ، وهي تأنيث الأقصى; وما كان من النعوت على "فعلى" من ذوات الواو ، فإن ابن السكيت: العرب تحوله إلى الياء ، نحو: الدنيا ، من: دنوت; والعليا ، من: علوت; لأنهم يستثقلون الواو مع ضم الأول ، وليس في هذا اختلاف ، إلا أن [ ص: 362 ] أهل الحجاز قالوا: القصوى ، فأظهروا الواو ، وهو نادر; وغيرهم يقول: القصيا قال المفسرون: إذ أنتم بشفير الوادي الأدنى من المدينة ، وعدوكم بشفيره الأقصى من مكة ، وكان الجمعان قد نزلا وادي بدر على هذه الصفة ، والركب: وأصحابه . قال أبو سفيان : من نصب "أسفل" أراد: والركب مكانا أسفل منكم ، ويجوز الرفع على معنى: والركب أشد تسفلا منكم . قال الزجاج وكان المسلمون أعلى الوادي ، والمشركون أسفله . قتادة:
وفي قوله ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد قولان .
أحدهما: لو تواعدتم ، ثم بلغكم كثرتهم ، لتأخرتم عن الميعاد ، قاله ابن إسحاق
والثاني: لو تواعدتم على الاجتماع في المكان الذي اجتمعتم فيه من عدوتي وادي بدر لاختلفتم في الميعاد ، قاله وقال أبو سليمان . : كانت تقع الزيادة والنقصان ، أو التقدم والتأخر من غير قصد لذلك . الماوردي
قوله تعالى: ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا وهو إعزاز الإسلام وإذلال الشرك .
قوله تعالى: ليهلك من هلك عن بينة . وروى عن خلف يحيى: "ليهلك" بضم الياء وفتح اللام .
قوله تعالى: ويحيا من حي عن بينة قرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، "من حي" بياء واحدة مشددة ، وهذه رواية والكسائي: حفص عن عاصم ، عن وقنبل وروى ابن كثير . شبل عن ابن كثير ، عن وأبو بكر "حيي" بياءين ، الأولى مكسورة ، والثانية مفتوحة ، وهي قراءة عاصم: فمن قرأ بياءين ، بين ولم يدغم . ومن أدغم ياء "حيي" فلاجتماع حرفين من جنس واحد . وفي معنى الكلام قولان . [ ص: 363 ] أحدهما: ليقتل من قتل من المشركين عن حجة ، ويبقى من بقي منهم عن حجة . نافع .
والثاني: ليكفر من كفر بعد حجة ، ويؤمن من آمن عن حجة .