إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير
قوله تعالى: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يعني المهاجرين الذين هجروا ديارهم وأموالهم وقومهم في نصرة الدين [ ص: 385 ] والذين آووا ونصروا يعني: الأنصار ، آووا رسول الله ، وأسكنوا المهاجرين ، ديارهم ونصروهم على أعدائهم . أولئك بعضهم أولياء بعض فيه قولان .
أحدهما: في النصرة . والثاني: في الميراث .
قال المفسرون: كانوا يتوارثون بالهجرة ، وكان المؤمن الذي لم يهاجر لا يرث قريبه المهاجر ، وهو معنى قوله: ما لكم من ولايتهم من شيء قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ونافع ، وابن عامر ، وعاصم ، ولايتهم بفتح الواو . وقرأ والكسائي: بكسر الواو قال حمزة: : المعنى:ليس بينكم وبينهم ميراث حتى يهاجروا . ومن كسر واو الولاية ، فهي بمنزلة الإمارة; وإذا فتحت ، فهي من النصرة . وقال الزجاج يونس النحوي: الولاية ، بالفتح ، لله عز وجل ، والولاية بالكسر ، من وليت الأمر . وقال الولاية ، بالفتح ، للخالق; والولاية للمخلوق . قال أبو عبيدة: الولاية ، بالفتح ، مصدر الولي ، والولاية: مصدر الوالي ، يقال: ولي بين الولاية ، ووال بين الولاية; فهذا هو الاختيار; ثم يصلح في ذا . ما يصلح في ذا . وقال ابن الأنباري: الولاية ، بالفتح: النصرة ، وقد تكسر . والولاية ، بالكسر: السلطان . ابن فارس:
فصل
وذهب قوم إلى أن المراد بهذه الولاية موالاة النصر والمودة . قالوا: ونسخ هذا الحكم بقوله: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض [التوبة:71] . فأما القائلون بأنها ولاية الميراث ، فقالوا: نسخت بقوله: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض .
[الأنفال:75] .
[ ص: 386 ] قوله تعالى: وإن استنصروكم في الدين أي: إن استنصركم المؤمنون الذين لم يهاجروا فانصروهم ، إلا أن يستنصروكم على قوم بينكم وبينهم عهد ، فلا تغدروا بأرباب العهد . وقال بعضهم: لم يكن على المهاجر أن ينصر من لم يهاجر إلا أن يستنصره .