إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير
قوله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حثهم [ ص: 438 ] على غزو الروم تثاقلوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله وقال قوم: هذه خاصة في من استنفره رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينفر . قال ابن عباس . ابن عباس استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب فتثاقلوا عنه ، فأمسك عنهم المطر فكان عذابهم .
وفي قوله: ويستبدل قوما غيركم وعيد شديد في التخلف عن الجهاد ، وإعلام بأنه يستبدل لنصر نبيه قوما غير متثاقلين . ثم أعلمهم أنهم إن تركوا نصره لم يضروه ، كما لم يضرره ذلك إذ كان بمكة . وفي هاء "تضروه" قولان .
أحدهما: أنها ترجع إلى الله ، والمعنى: لا تضروا الله بترك النفير ، قاله الحسن .
والثاني: أنها ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالمعنى: لا تضروه بترك نصره ، قاله . الزجاج
فصل
وقد روي عن ابن عباس ، والحسن ، قالوا: نسخ قوله: وعكرمة ، إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما بقوله: وما كان المؤمنون لينفروا كافة [التوبة:122] ، وقال ليس هذا من المنسوخ ، إذ لا تنافي بين الآيتين ، وإنما حكم كل آية قائم في موضعها . وذكر أبو سليمان الدمشقي: عن بعض العلماء أنهم قالوا: ليس هاهنا نسخ ، ومتى لم يقاوم أهل الثغور العدو ، ففرض على الناس النفير إليهم ، ومتى استغنوا عن إعانة من وراءهم ، عذر القاعدون عنهم . وقال قوم هذا في غزوة القاضي أبو يعلى تبوك ، ففرض على الناس النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .