وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون
قوله تعالى : " وفي الأرض قطع متجاورات " فيها قولان :
أحدهما : أنها الأرض السبخة ، والأرض العذبة ، تنبت هذه ، وهذه إلى جنبها لا تنبت ، هذا قول ، ابن عباس ، وأبي العالية ، ومجاهد . والضحاك
والثاني : أنها القرى المتجاورات ، قاله ، قتادة ، وهو يرجع إلى معنى الأول . وابن قتيبة
قوله تعالى : " وزرع ونخيل " قرأ ، ابن كثير ، وأبو عمرو وحفص عن : " وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان " رفعا في الكل . وقرأ عاصم ، نافع ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي عن وأبو بكر : " عاصم وزرع ونخيل صنوان [ ص: 303 ] وغير صنوان " خفضا في الكل . قال أبو علي : من رفع ، فالمعنى : وفي الأرض قطع متجاورات وجنات ، وفي الأرض زرع ، ومن خفض حمله على الأعناب ، فالمعنى : جنات من أعناب ، ومن زرع ، ومن نخيل .
قوله تعالى : " صنوان وغير صنوان " هذا من صفة النخيل . قال : الصنوان : جمع صنو وصنو ، ومعناه : أن يكون الأصل واحدا وفيه النخلتان والثلاث والأربع . وكذلك قال المفسرون : الصنوان : النخل المجتمع وأصله واحد ، وغير صنوان : المتفرق . وقرأ الزجاج أبو رزين ، ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وابن جبير : " صنوان " بضم الصاد . قال وقتادة : لغة أهل الفراء الحجاز " صنوان " بكسر الصاد ، وتميم وقيس يضمون الصاد .
قوله تعالى : " تسقى بماء واحد " قرأ ، ابن كثير ، ونافع " تسقى " بالتاء ، " ونفضل " بالنون . وقرأ وأبو عمرو ، حمزة ، " تسقى " بالتاء أيضا ، لكنهما أمالا القاف . وقرأ والكسائي " ويفضل " بالياء . وقرأ الحسن ، عاصم " يسقى " بالياء ، " ونفضل " بالنون ، وكلهم كسر الضاد . وروى وابن عامر الحلبي عن ضم الياء من " يفضل " وفتح الضاد ، " بعضها " برفع الضاد . وقال عبد الوارث : من قرأ " تسقى " بالتاء ذهب إلى تأنيث الزرع ، والجنات ، والنخيل ، ومن كسر ذهب إلى النبت ، وذلك كله يسقى بماء واحد ، وأكله مختلف حامض وحلو ، ففي هذا آية . قال المفسرون : الماء الواحد : ماء المطر ، والأكل : الثمر ، بعضه أكبر من بعض ، وبعضه أفضل من بعض ، وبعضه حامض وبعضه حلو ، إلى غير ذلك ، وفي هذا دليل على بطلان قول الطبائعيين ، لأنه لو كان حدوث الثمر على طبع الأرض والهواء والماء ، وجب أن يتفق ما يحدث لاتفاق ما أوجب [ ص: 304 ] الحدوث ، فلما وقع الاختلاف ، دل على مدبر قادر ، " الفراء إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " أنه لا تجوز العبادة إلا لمن يقدر على هذا .