قوله تعالى : " قل لعبادي الذين آمنوا " أسكن ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ياء " عبادي " .
قوله تعالى : " يقيموا الصلاة " قال ابن الأنباري : معناه : قل لعبادي : [ ص: 364 ] أقيموا الصلاة وأنفقوا ، يقيموا وينفقوا ، فحذف الأمران ، وترك الجوابان ، قال الشاعر :
فأي امرئ أنت أي امرئ إذا قيل في الحرب من يقدم
أراد : إذا قيل : من يقدم تقدم . ويجوز أن يكون المعنى : قل لعبادي أقيموا الصلاة ، وأنفقوا ، فصرف عن لفظ الأمر إلى لفظ الخبر . ويجوز أن يكون المعنى : قل لهم ليقيموا الصلاة ، ولينفقوا ، فحذف لام الأمر ، لدلالة " قل " عليها . قال ابن قتيبة : والخلال مصدر خاللت فلانا خلالا ومخالة ، والاسم الخلة ، وهي الصداقة .
قوله تعالى : " وسخر لكم الأنهار " أي : ذللها ، تجري حيث تريدون ، وتركبون فيها حيث تشاؤون . " وسخر لكم الشمس والقمر " لتنتفعوا بهما وتستضيئوا بضوئهما " دائبين " في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره ، لا يفتران . ومعنى الدؤوب : مرور الشيء في العمل على عادة جارية فيه . " وسخر لكم الليل " لتسكنوا فيه ، راحة لأبدانكم ، " والنهار " لتنتفعوا بمعاشكم ، " وآتاكم من كل ما سألتموه " وفيه خمسة أقوال :
أحدها : أن المعنى : من كل الذي سألتموه ، قاله الحسن ، وعكرمة .
والثاني : من كل ما سألتموه ، لو سألتموه ، قاله الفراء .
والثالث : وآتاكم من كل شيء سألتموه شيئا ، فأضمر الشيء ، كقوله : وأوتيت من كل شيء [النمل :23] أي : من كل شيء في زمانها شيئا ، قاله الأخفش .
والرابع : من كل ما سألتموه وما لم تسألوه ، لأنكم لم تسألوا شمسا ولا قمرا [ ص: 365 ] ولا كثيرا من النعم التي ابتدأكم بها ، فاكتفي بالأول من الثاني ، كقوله : سرابيل تقيكم الحر [النحل :81] ، قاله ابن الأنباري .
الخامس : على قراءة ابن مسعود ، وأبي رزين ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، وأبان عن عاصم ، وأبي حاتم عن يعقوب : " من كل ما " بالتنوين من غير إضافة ، فالمعنى : آتاكم من كل ما لم تسألوه ، قاله قتادة ، والضحاك .
قوله تعالى : " وإن تعدوا نعمة الله " أي : إنعامه " لا تحصوها " لا تطيقوا الإتيان على جميعها بالعد لكثرتها . " إن الإنسان " قال ابن عباس : يريد أبا جهل . وقال الزجاج : الإنسان اسم للجنس يقصد به الكافر خاصة .
قوله تعالى : " لظلوم كفار " الظلوم هاهنا : الشاكر غير من أنعم عليه ، والكفار : الجحود لنعم الله تعالى .
قوله تعالى : " اجعل هذا البلد آمنا " قد سبق تفسيره في سورة (البقرة :126) .
قوله تعالى : " واجنبني وبني " أي : جنبني وإياهم ، والمعنى : ثبتني على اجتناب عبادتها . " رب إنهن أضللن كثيرا من الناس " يعني : الأصنام ، وهي لا توصف بالإضلال ولا بالفعل ، ولكنهم لما ضلوا بسببها ، كانت كأنها أضلتهم . " فمن تبعني " أي : على ديني التوحيد " فإنه مني " أي : فهو على ملتي ، " ومن عصاني فإنك غفور رحيم " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : ومن عصاني ثم تاب فإنك غفور رحيم ، قاله السدي .
والثاني : ومن عصاني فيما دون الشرك ، قاله مقاتل بن حيان .
والثالث : ومن عصاني فكفر فإنك غفور رحيم أن تتوب عليه فتهديه إلى التوحيد ، قاله مقاتل بن سليمان . وقال ابن الأنباري : يحتمل أن يكون دعا بهذا قبل أن يعلمه الله تعالى أنه لا يغفر الشرك كما استغفر لأبيه .


