[ ص: 408 ] لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين
قوله تعالى : " لعمرك " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أن معناه : وحياتك يا محمد ، رواه عن أبو الجوزاء . ابن عباس
والثاني : لعيشك ، رواه ابن أبي طلحة عن ، وبه قال ابن عباس ، وهو يرجع إلى معنى الأول . الأخفش
والثالث : أن معناه : وحقك على أمتك ، تقول العرب : لعمر الله لا أقوم ، يعنون : وحق الله ، ذكره . قال : وفي العمر ثلاث لغات : عمر وعمر وعمر وهو عند ابن الأنباري العرب : البقاء . وحكى أن الزجاج الخليل وجميع أهل اللغة قالوا : العمر والعمر في معنى واحد ، فإذا استعمل في القسم ، فتح لا غير ، وإنما آثروا الفتح في القسم ، لأن الفتح أخف عليهم ، وهم يؤكدون القسم بـ " لعمري " و " لعمرك " ، فلما كثر استعمالهم إياه ، لزموا الأخف عليهم ، قال : وقال النحويون : ارتفع " لعمرك " بالابتداء ، والخبر محذوف ، والمعنى : لعمرك قسمي ، ولعمرك ما أقسم به ، وحذف الخبر ، لأن في الكلام دليلا عليه . المعنى : أقسم " وسيبويه إنهم لفي سكرتهم يعمهون " .
وفي المراد بهذه السكرة قولان :
أحدهما : أنها بمعنى الضلالة ، قاله . قتادة
والثاني : بمعنى الغفلة ، قاله . وقد شرحنا معنى العمه في سورة [ ص: 409 ] (البقرة :15) . وفي المشار إليهم بهذا قولان : أحدهما أنهم قوم الأعمش لوط ، قاله الأكثرون . والثاني : قوم نبينا صلى الله عليه وسلم ، قاله . عطاء
قوله تعالى : " فأخذتهم الصيحة " يعني : صيحة العذاب ، وهي صيحة جبريل عليه السلام . " مشرقين " قال : يقال : أشرقنا ، فنحن مشرقون : إذا صادفوا شروق الشمس ، وهو طلوعها ، كما يقال : أصبحنا : إذا صادفوا الصبح ، يقال : شرقت الشمس : إذا طلعت ، وأشرقت : إذا أضاءت وصفت ، هذا أكثر اللغة . وقد قيل : شرقت وأشرقت في معنى واحد ، إلا أن " مشرقين " في معنى مصادفين لطلوع الشمس . الزجاج
قوله تعالى : " فجعلنا عاليها سافلها " قد فسرنا الآية في سورة (هود :82) .
وفي المتوسمين أربعة أقوال :
أحدها : أنهم المتفرسون ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أبو سعيد الخدري " قال : المتفرسين ، وبهذا قال اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ " إن في ذلك لآيات للمتوسمين ، مجاهد . قال وابن قتيبة : يقال : توسمت في فلان الخير ، أي : تبينته . وقال ابن قتيبة : المتوسمون ، في اللغة : النظار المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء ، يقال : [ ص: 410 ] توسمت في فلان كذا ، أي : عرفت وسم ذلك فيه . وقال غيره : المتوسم : الناظر في السمة الدالة على الشيء . والثاني : المعتبرون ، قاله الزجاج . والثالث : الناظرون ، قاله قتادة . والرابع : المتفكرون ، قاله الضحاك ابن زيد ، . والفراء
قوله تعالى : " وإنها " يعني : قرية قوم لوط " لبسبيل مقيم " فيه قولان :
أحدهما : لبطريق واضح ، رواه نهشل عن الضحاك عن ، وبه قال ابن عباس ، قتادة . وقال والزجاج ابن زيد : لبطريق متبين .
والثاني : لبهلاك . رواه أبو روق عن عن الضحاك ، والمعنى : إنها بحال هلاكها لم تعمر حتى الآن ، فالاعتبار بها ممكن ، وهي على طريق ابن عباس قريش إذا سافروا إلى الشام .