وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا . [ ص: 14 ]
قوله تعالى: " وجعلنا الليل والنهار آيتين " ; أي: علامتين يدلان على قدرة خالقهما . " فمحونا آية الليل " فيه قولان:
أحدهما: أن آية الليل: القمر، ومحوها: ما في بعض القمر من الاسوداد . وإلى هذا المعنى ذهب علي عليه السلام، في آخرين . وابن عباس
والثاني: آية الليل محيت بالظلمة التي جعلت ملازمة لليل، فنسب المحو إلى الظلمة إذ كانت تمحو الأنوار وتبطلها، ذكره ويروى أن الشمس والقمر كانا في النور والضوء سواء، فأرسل الله ابن الأنباري . جبريل فأمر جناحه على وجه القمر وطمس عنه الضوء .
قوله تعالى: " وجعلنا آية النهار " يعني: الشمس، " مبصرة " فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: منيرة، قاله قال قتادة . وإنما صلح وصف الآية بالإبصار على جهة المجاز، كما يقال: لعب الدهر ببني فلان . ابن الأنباري:
والثاني: أن معنى " مبصرة " : مبصرا بها، قاله ابن قتيبة .
والثالث: أن معنى " مبصرة " : مبصرة، فجرى ( مفعل ) مجرى ( مفعل )، والمعنى: أنها تبصر الناس ; أي: تريهم الأشياء، قاله ومعاني الأقوال تتقارب . ابن الأنباري .
قوله تعالى: " لتبتغوا فضلا من ربكم " ; أي: لتبصروا كيف تتصرفون في أعمالكم وتطلبون رزقكم بالنهار، " ولتعلموا عدد السنين والحساب " بمحو آية الليل، ولولا ذلك لم يعرف الليل من النهار، ولم يتبين العدد . " وكل شيء " ; أي: ما يحتاج إليه، " فصلناه تفصيلا " بيناه تبينا لا يلتبس معه بغيره . [ ص: 15 ]