وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا . [ ص: 80 ]
قوله تعالى: " وإذا أنعمنا على الإنسان " قال الإنسان هاهنا: الكافر، والمراد به: ابن عباس: الوليد بن المغيرة . قال المفسرون: وهذا الإنعام: سعة الرزق وكشف البلاء . " ونأى بجانبه " قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو وحفص عن ( ونأى ) على وزن ( نعى ) بفتح النون والهمزة . وقرأ عاصم: ( ناء ) مثل ( باع ) . وقرأ ابن عامر: الكسائي، عن وخلف، سليم، عن ( وناء ) بإمالة النون والهمزة . وروى حمزة: خلاد عن سليم: ( نئي ) بفتح النون وكسر الهمزة، والمعنى: تباعد عن القيام بحقوق النعم، وقيل: تعظم وتكبر . " وإذا مسه الشر " ; أي: نزل به البلاء والفقر " كان يئوسا " ; أي: قنوطا شديد اليأس، لا يرجو فضل الله .
قوله تعالى: " قل كل يعمل على شاكلته " فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: على ناحيته، قاله ابن عباس قال وسعيد بن جبير الشاكلة: الناحية، والجديلة، والطريقة، سمعت بعض الفراء: العرب يقول: وعبد الملك إذ ذاك على جديلته، على جديلته، يريد: على ناحيته . وقال وابن الزبير على ناحيته وخليقته . وقال أبو عبيدة: على خليقته وطبيعته، وهو من الشكل . يقال: لست على شكلي ولا شاكلتي . وقال ابن قتيبة: على طريقته وعلى مذهبه . الزجاج:
والثاني: على نيته، قاله الحسن ومعاوية بن قرة . وقال الشاكلة من الأمور: ما وافق فاعله . الليث:
والثالث: على دينه، قاله ابن زيد . وتحرير المعنى: أن كل واحد يعمل على طريقته التي تشاكل أخلاقه، فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإعراض عند النعم، واليأس عند الشدة، والمؤمن يعمل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والله يجازي الفريقين . وذكر عن أبو صالح أن [ ص: 81 ] هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ابن عباس: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة: 5 ]، وليس بشيء .