قوله تعالى: " وتحسبهم أيقاظا " ; أي: لو رأيتهم لحسبتهم أيقاظا . قال الأيقاظ: المنتبهون، واحدهم: يقط ويقظان، والجميع: أيقاظ، والرقود: النيام . قال الزجاج: واحد الأيقاظ: يقظ ويقظ . قال الفراء: وإنما يحسبون أيقاظا ; لأن أعينهم مفتحة وهم نيام . وقيل: لتقلبهم يمينا وشمالا . وذكر بعض أهل العلم أن وجه الحكمة في فتح أعينهم، أنه لو دام طبقها لذابت . ابن السائب:
قوله تعالى: " ونقلبهم " وقرأ ( وتقلبهم ) بتاء مفتوحة، وسكون القاف، وتخفيف اللام المكسورة . وقرأ أبو رجاء: أبو الجوزاء ( ونقلبهم ) مثلها، إلا أنه بالنون . " وعكرمة: ذات اليمين " ; أي: على أيمانهم وعلى شمائلهم . قال كانوا يقلبون في كل عام مرتين، ستة أشهر على هذا الجنب، وستة أشهر على هذا الجنب ; لئلا تأكل الأرض لحومهم . وقال ابن عباس: كانوا ثلاثمائة عام على شق واحد، ثم قلبوا تسع سنين . [ ص: 119 ] مجاهد:
قوله تعالى: " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " أخبر أن الكلب كان على مثل حالهم في النوم، وهو في رأي العين منتبه . وفي " الوصيد " أربعة أقوال:
أحدها: أنه الفناء فناء الكهف، رواه ابن أبي طلحة عن وبه قال ابن عباس، ومجاهد، سعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة، قال الفراء: يقال: الوصيد والأصيد لغتان، مثل: الإكفاف والوكاف، وأرخت الكتاب وورخت، ووكدت الأمر وأكدت، وأهل الحجاز يقولون: الوصيد، وأهل نجد يقولون: الأصيد، وهو الحظيرة والفناء . والفراء .
والثاني: أنه الباب، رواه عن عكرمة وبه قال ابن عباس، وقال السدي . فيكون المعنى: وكلبهم باسط ذارعيه بالباب، قال الشاعر: ابن قتيبة:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
والثالث: أنه الصعيد، وهو التراب، رواه عن العوفي وبه قال ابن عباس، سعيد بن جبير في رواية عنهما . ومجاهد
والرابع: أنه عتبة الباب، قاله قال عطاء . وهذا أعجب إلي ; لأنهم يقولون: أوصد بابك ; أي: أغلقه، ومنه قوله: ابن قتيبة: إنها عليهم مؤصدة [ الهمزة: 8 ] ; أي: مطبقة مغلقة، وأصله أن تلصق الباب بالعتبة إذا أغلقته، ومما يوضح هذا أنك إذا جعلت الكلب بالفناء كان خارجا من الكهف، وإن جعلته بعتبة الباب أمكن أن يكون داخل الكهف، والكهف وإن لم يكن له باب وعتبة، فإنما أراد أن الكلب موضع العتبة من البيت، فاستعير .
قوله تعالى: " لو اطلعت عليهم " [ وقرأ الأعمش ( لو اطلعت ) [ ص: 120 ] بضم الواو ]، " وأبو حصين: لوليت منهم فرارا " رهبة لهم، " ولملئت " قرأ عاصم، وابن عامر، ، وأبو عمرو وحمزة، ( ولملئت ) خفيفة مهموزة . وقرأ والكسائي: ابن كثير ( ولملئت ) مشددة مهموزة . " ونافع: رعبا " ; [ أي ]: فزعا وخوفا، وذلك أن الله تعالى منعهم بالرعب ; لئلا يدخل إليهم أحد . وقيل: إنهم طالت شعورهم وأظفارهم جدا، فلذلك كان الرائي لهم لو رآهم هرب مرعوبا، حكاه الزجاج .