يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا .
قوله تعالى : " يوم نحشر المتقين " قال بعضهم : هذا متعلق بقوله : " ويكونون عليهم ضدا ، يوم نحشر المتقين " . وقال بعضهم : تقديره : اذكر لهم يوم نحشر المتقين ، وهم الذين اتقوا الله بطاعته واجتناب معصيته . وقرأ ابن مسعود : ( يوم يحشر ) بياء مفتوحة ورفع الشين ، ( ويسوق ) بياء مفتوحة ورفع السين . وقرأ وأبو عمران الجوني ، أبي بن كعب ، والحسن البصري ومعاذ القارئ ، : ( يوم يحشر ) بياء مرفوعة وفتح الشين ، ( المتقون ) رفعا ، ( ويساق ) بألف وياء مرفوعة ، ( المجرمون ) بالواو على الرفع . والوفد : جمع وافد ، مثل : ركب وراكب ، وصحب وصاحب . قال وأبو المتوكل الناجي ، ابن عباس ، وعكرمة : الوفد : الركبان . قال والفراء : الركبان عند ابن الأنباري العرب : ركاب الإبل .
وفي زمان هذا الحشر قولان :
أحدهما : أنه من قبورهم إلى الرحمن ، قاله . علي بن أبي طالب
والثاني : أنه بعد الحساب ، قاله . أبو سليمان الدمشقي
قوله تعالى : " ونسوق المجرمين " يعني : الكافرين ، " إلى جهنم وردا " قال [ ص: 264 ] ، ابن عباس ، وأبو هريرة : عطاشا . قال والحسن : الورد : مصدر الورود . وقال أبو عبيدة : الورد : جماعة يردون الماء ، يعني : أنهم عطاش ; لأنه لا يرد الماء إلا العطشان . وقال ابن قتيبة : معنى قوله : " ابن الأنباري وردا " : واردين .
قوله تعالى : " لا يملكون الشفاعة " ; أي : لا يشفعون ولا يشفع لهم .
قوله تعالى : " إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا " قال : جائز أن يكون " من " في موضع رفع على البدل من الواو والنون ، فيكون المعنى : لا يملك الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ، وجائز أن يكون في موضع نصب على استثناء ليس من الأول ، فالمعنى : لا يملك الشفاعة المجرمون ، ثم قال : " الزجاج إلا " على معنى ( لكن ) ، " من اتخذ عند الرحمن عهدا " فإنه يملك الشفاعة . والعهد هاهنا : توحيد الله والإيمان به . وقال : تفسير العهد في اللغة : تقدمة أمر يعلم ويحفظ ، من قولك : عهدت فلانا في المكان ; أي : عرفته وشهدته . ابن الأنباري