وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين .
قوله تعالى : " من رسول إلا نوحي " قرأ ، حمزة ، والكسائي وحفص عن : ( إلا نوحي ) بالنون ، والباقون بالياء . عاصم
قوله تعالى : " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا " في القائلين لهذا قولان :
أحدهما : أنهم مشركو قريش ، قاله . وقال ابن عباس : القائل لهذا ابن إسحاق النضر بن الحارث .
والثاني : أنهم اليهود ، قالوا : إن الله صاهر الجن فكانت منهم الملائكة ! قاله [ ص: 347 ] . فعلى القولين ، المراد بالولد : الملائكة ، وكذلك المراد بقوله : " قتادة بل عباد مكرمون " ، والمعنى : بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم ، " لا يسبقونه بالقول " ; أي : لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به . وقال : لا يقولون حتى يقول ، ثم يقولون عنه ، ولا يعملون حتى يأمرهم . ابن قتيبة
قوله تعالى : " يعلم ما بين أيديهم " ; أي : ما قدموا من الأعمال ، " وما خلفهم " ما هم عاملون ، " ولا يشفعون " يوم القيامة ، وقيل : لا يستغفرون في الدنيا ، " إلا لمن ارتضى " ; أي : لمن رضي عنه ، " وهم من خشيته " ; أي : من خشيتهم منه ، فأضيف المصدر إلى المفعول . " مشفقون " ; أي : خائفون . وقال : يرتعدون . " الحسن ومن يقل منهم " ; أي : من الملائكة . قال في آخرين : هذه خاصة لإبليس ، لم يدع أحد من الملائكة إلى عبادة نفسه سواه . قال الضحاك : وهذا قول من قال : إنه من الملائكة ، فإن إبليس قال ذلك للملائكة الذين هبطوا معه إلى الأرض ، ومن قال : إنه ليس من الملائكة ، قال : هذا على وجه التهديد ، وما قال أحد من الملائكة ذلك . أبو سليمان الدمشقي