خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين لو يعلم الذين [ ص: 351 ] كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون .
قوله تعالى : " خلق الإنسان من عجل " وقرأ أبو رزين العقيلي ، ، ومجاهد : ( خلق الإنسان ) بفتح الخاء واللام ونصب النون . وهذه الآية نزلت حين استعجلت والضحاك قريش بالعذاب .
وفي المراد بالإنسان هاهنا ثلاثة أقوال :
أحدها : النضر بن الحارث ، وهو الذي قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك . . . الآية [ الأنفال : 32 ] ، رواه عن عطاء . ابن عباس
والثاني : آدم عليه السلام ، قاله ، سعيد بن جبير في آخرين . والسدي
والثالث : أنه اسم جنس ، قاله ، فعلى هذا يدخل علي بن أحمد النيسابوري النضر بن الحارث وغيره في هذا ، وإن كانت الآية نزلت فيه .
فأما من قال : أريد به : آدم ، ففي معنى الكلام قولان :
أحدهما : أنه خلق عجولا ، قاله الأكثرون . فعلى هذا يقول : لما طبع آدم على هذا المعنى ، وجد في أولاده ، وأورثهم العجل .
والثاني : خلق بعجل ، استعجل بخلقه قبل غروب الشمس من يوم الجمعة ، وهو آخر الأيام الستة ، قاله . مجاهد
فأما من قال : هو اسم جنس ، ففي معنى الكلام قولان :
أحدهما : خلق عجولا ، قال : خوطبت الزجاج العرب بما تعقل ، [ ص: 352 ] والعرب تقول للذي يكثر منه اللعب : إنما خلقت من لعب ، يريدون المبالغة في وصفه بذلك .
والثاني : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والمعنى : خلقت العجلة في الإنسان ، قاله . ابن قتيبة
قوله تعالى : " سأريكم آياتي " فيه قولان :
أحدهما : ما أصاب الأمم المتقدمة ، والمعنى : إنكم تسافرون فترون آثار الهلاك في الماضين ، قاله . ابن السائب
والثاني : أنها القتل ببدر ، قاله . مقاتل
قوله تعالى : " فلا تستعجلون " أثبت الياء في الحالين يعقوب .
قوله تعالى : " ويقولون متى هذا الوعد " يعنون : القيامة . " لو يعلم الذين كفروا " جوابه محذوف ، والمعنى : لو علموا صدق الوعد ما استعجلوا ، " حين لا يكفون " ; أي : لا يدفعون ، " عن وجوههم النار " إذا دخلوا ، " ولا عن ظهورهم " لإحاطتها بهم ، " ولا هم ينصرون " ; أي : يمنعون مما نزل بهم ، " بل تأتيهم " يعني : الساعة ، " بغتة " فجأة ، " فتبهتهم " تحيرهم ، وقد شرحنا هذا عند قوله : فبهت الذي كفر [ البقرة : 258 ] . " فلا يستطيعون ردها " ; أي : صرفها عنهم ، ولا هم يمهلون لتوبة أو معذرة . ثم عزى نبيه فقال : " ولقد استهزئ برسل من قبلك " ; أي : كما فعل بك قومك ، " فحاق " ; أي : نزل ، " بالذين سخروا منهم " ; أي : من الرسل ، " ما كانوا به يستهزئون " يعني : العذاب الذي كانوا استهزؤوا به .