قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون بل متعنا [ ص: 353 ] هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون .
قوله تعالى : " قل من يكلؤكم " المعنى : قل لهؤلاء المستعجلين بالعذاب : من يحفظكم من بأس الرحمن إن أراد إنزاله بكم ؟ وهذا استفهام إنكار ; أي : لا أحد يفعل ذلك . " بل هم عن ذكر ربهم " ; أي : عن كلامه ومواعظه ، " معرضون " لا يتفكرون ولا يعتبرون . " أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا " فيه تقديم وتأخير ، وتقديره : أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم ؟ وهاهنا تم الكلام . ثم وصف آلهتهم بالضعف ، فقال : " لا يستطيعون نصر أنفسهم " والمعنى : من لا يقدر على نصر نفسه عما يراد به ، فكيف ينصر غيره ؟
قوله تعالى : " ولا هم " في المشار إليهم قولان :
أحدهما : أنهم الكفار ، وهو قول . والثاني : أنهم الأصنام ، قاله ابن عباس . قتادة
وفي معنى " يصحبون " أربعة أقوال :
أحدها : يجارون ، رواه عن العوفي . قال ابن عباس : والمعنى : لا يجيرهم منا أحد ; لأن المجير صاحب لجاره . والثاني : يمنعون ، رواه ابن قتيبة ابن أبي طلحة عن . والثالث : ينصرون ، قاله ابن عباس . والرابع : لا يصحبون بخير ، قاله مجاهد . قتادة
ثم بين اغترارهم بالإمهال ، فقال : " بل متعنا هؤلاء وآباءهم " يعني : أهل مكة ، " حتى طال عليهم العمر " فاغتروا بذلك ، " أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها [ ص: 354 ] من أطرافها " قد شرحناه في ( الرعد : 41 ) ، " أفهم الغالبون " ; أي : مع هذه الحال ، وهو نقص الأرض ، والمعنى : ليسوا بغالبين ولكنهم المغلوبون . " قل إنما أنذركم " ; أي : أخوفكم ، " بالوحي " ; أي : بالقرآن ، والمعنى : إنني ما جئت به من تلقاء نفسي ، إنما أمرت فبلغت . " ولا يسمع الصم الدعاء " وقرأ : ( ولا تسمع ) بالتاء مضمومة ( الصم ) نصبا . وقرأ ابن عامر ابن يعمر : ( ولا يسمع ) بضم الياء وفتح الميم ( الصم ) بضم الميم . شبه الكفار بالصم الذين لا يسمعون نداء مناديهم ، ووجه التشبيه أن هؤلاء لم ينتفعوا بما سمعوا ، كالصم لا يفيدهم صوت مناديهم . " والحسن ولئن مستهم " ; أي : أصابتهم ، " نفحة " قال : طرف . وقال ابن عباس : المراد : أدنى شيء من العذاب ، " الزجاج ليقولن يا ويلنا " والويل ينادي به كل من وقع في هلكة .