ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكر مبارك أنـزلناه أفأنتم له منكرون .
قوله تعالى : " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه التوراة التي فرق بها بين الحلال والحرام ، قاله مجاهد . وقتادة
والثاني : البرهان الذي فرق به بين حق موسى وباطل فرعون ، قاله ابن زيد .
والثالث : النصر والنجاة لموسى ، وإهلاك فرعون ، قاله . ابن السائب
قوله تعالى : " وضياء " روى عن عكرمة أنه كان يرى الواو زائدة . قال ابن عباس : وكذلك قال بعض النحويين أن المعنى : الفرقان ضياء . وعند [ ص: 356 ] البصريين أن الواو لا تزاد ولا تأتي إلا بمعنى العطف ، فهي هاهنا مثل قوله تعالى : الزجاج فيها هدى ونور [ المائدة : 44 ] . قال المفسرون : والمعنى : أنهم استضاؤوا بالتوراة حتى اهتدوا بها في دينهم . ومعنى قوله تعالى : " وذكرا للمتقين " : أنهم يذكرونه ويعملون بما فيه . " الذين يخشون ربهم بالغيب " فيه أربعة أقوال :
أحدها : يخافونه ولم يروه ، قاله الجمهور . والثاني : يخشون عذابه ولم يروه ، قاله . والثالث : يخافونه من حيث لا يراهم أحد ، قاله مقاتل . والرابع : يخافونه إذا غابوا عن أعين الناس ، كخوفهم إذا كانوا بين الناس ، قاله الزجاج . ثم عاد إلى ذكر القرآن ، فقال : " أبو سليمان الدمشقي وهذا " يعني : القرآن ، " ذكر " لمن تذكر به وعظة لمن اتعظ ، " مبارك " ; أي : كثير الخير ، " أفأنتم " يا أهل مكة ، " له منكرون " ; أي : جاحدون ؟ وهذا استفهام توبيخ .