قوله تعالى : " يا أيها الناس " يعني : أهل مكة ، " إن كنتم في ريب من البعث " ; أي : في شك من القيامة ، " فإنا خلقناكم من تراب " يعني : خلق آدم ، " ثم من نطفة " يعني : خلق ولده ، والمعنى : إن شككتم في بعثكم فتدبروا أمر خلقكم وابتدائكم ، فإنكم لا تجدون في القدرة فرقا بين الابتداء والإعادة . فأما النطفة : فهي المني . والعلقة : دم عبيط جامد ، وقيل : سميت علقة ; لرطوبتها وتعلقها بما تمر به ، فإذا جفت فليست علقة . والمضغة : لحمة صغيرة . قال : وسميت بذلك ; لأنها بقدر ما يمضغ ، كما قيل : غرفة لقدر ما يغرف . ابن قتيبة
قوله تعالى : " مخلقة وغير مخلقة " فيه خمسة أقوال :
أحدها : أن المخلقة : ما خلق سويا ، وغير المخلقة : ما ألقته الأرحام من النطف وهو دم قبل أن يكون خلقا ، قاله . ابن مسعود
والثاني : أن المخلقة : ما أكمل خلقه بنفخ الروح فيه ، وهو الذي يولد [ ص: 407 ] حيا لتمام ، وغير المخلقة : ما سقط غير حي لم يكمل خلقه بنفخ الروح فيه ، هذا معنى قول . ابن عباس
والثالث : أن المخلقة : المصورة ، وغير المخلقة : غير مصورة ، قاله . الحسن
والرابع : أن المخلقة وغير المخلقة : السقط ، تارة يسقط نطفة وعلقة ، وتارة قد صور بعضه ، وتارة قد صور كله ، قاله . السدي
والخامس : أن المخلقة : التامة ، وغير المخلقة : السقط ، قاله الفراء . وابن قتيبة
قوله تعالى : " لنبين لكم " فيه أربعة أقوال :
أحدها : خلقناكم لنبين لكم ما تأتون وما تذرون .
والثاني : لنبين لكم في القرآن بدو خلقكم وتنقل أحوالكم .
والثالث : لنبين لكم كمال حكمتنا وقدرتنا في تقليب أحوال خلقكم .
والرابع : لنبين لكم أن البعث حق .
وقرأ أبو عمران الجوني : ( ليبين لكم ) بالياء . وابن أبي عبلة
قوله تعالى : " ونقر في الأرحام " وقرأ ابن مسعود : ( ويقر ) بياء مرفوعة وفتح القاف ورفع الراء . وقرأ وأبو رجاء أبو الجوزاء : ( ويقر ) بياء مرفوعة وبكسر القاف ونصب الراء . والذي يقر في الأرحام هو الذي لا يكون سقطا . " وأبو إسحاق السبيعي إلى أجل مسمى " وهو أجل الولادة ، " ثم نخرجكم طفلا " [ ص: 408 ] قال : هو في موضع أطفال ، أبو عبيدة والعرب قد تضع لفظ الواحد في معنى الجميع ، قال الله تعالى : والملائكة بعد ذلك ظهير [ التحريم : 4 ] ; أي : ظهراء ، وأنشد :
فقلنا أسلموا إنا أخوكم فقد برئت من الإحن الصدور
وأنشد أيضا :
في حلقكم عظم وقد شجينا
وقال غيره : إنما قال : " طفلا " فوحد ; لأن الميم في قوله تعالى : " نخرجكم " قد دلت على الجميع ، فلم يحتج إلى أن يقول : أطفالا .
قوله تعالى : " ثم لتبلغوا " فيه إضمار ، تقديره : ثم نعمركم لتبلغوا أشدكم ، وقد سبق معنى " الأشد " ( الأنعام : 153 ) . " ومنكم من يتوفى " من قبل بلوغ الأشد ، " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " وقد شرحناه في ( النحل : 70 ) . ثم إن الله تعالى دلهم على إحيائه الموتى بإحيائه الأرض ، فقال تعالى : " وترى الأرض هامدة " قال ; أي : ميتة يابسة ، ومثله : همدت النار : إذا طفئت فذهبت . ابن قتيبة
قوله تعالى : " فإذا أنزلنا عليها الماء " يعني : المطر ، " اهتزت " ; أي : تحركت للنبات ، وذلك أنها ترتفع عن النبات إذا ظهر ، فهو معنى قوله تعالى : " وربت " ; أي : ارتفعت وزادت . وقال : أراد : اهتز نباتها وربا ، فحذف المضاف . قال المبرد : وقرأ الفراء أبو جعفر المدني : ( وربأت ) بهمزة مفتوحة بعد الباء . فإن كان ذهب إلى الربيئة الذي يحرس القوم ; أي : إنه يرتفع ، وإلا فهو غلط . [ ص: 409 ]
قوله تعالى : " وأنبتت من كل زوج بهيج " قال : من كل جنس حسن يبهج ; أي : يسر ، وهو فعيل في معنى فاعل . ابن قتيبة
قوله تعالى : " ذلك " قال : المعنى : الأمر ذلك كما وصف لكم ، والأجود أن يكون موضع " الزجاج ذلك " رفعا ، ويجوز أن يكون نصبا على معنى : فعل الله ذلك بأنه هو الحق .
قوله تعالى : " وأن الساعة " ; أي : ولتعلموا أن الساعة آتية .