ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير .
قوله تعالى : " ذلك " قال : المعنى : الأمر ذلك ; أي : الأمر ما قصصنا عليكم . " الزجاج ومن عاقب بمثل ما عوقب به " والعقوبة : الجزاء ، والأول ليس بعقوبة ، ولكنه سمي عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه ، كقوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 40 ] ، لما كانت المجازاة إساءة بالمفعول به سميت سيئة ، ومثله : الله يستهزئ بهم [ البقرة : 15 ] ، قاله . ومعنى الآية : من قاتل المشركين كما قاتلوه . " ثم بغي عليه " ; أي : ظلم بإخراجه عن منزله . وزعم الحسن أن سبب نزول هذه الآية أن مشركي مقاتل مكة لقوا المسلمين لليلة بقيت من المحرم فقاتلوهم ، فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأبوا إلا القتال ، فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين ، [ ص: 447 ] ووقع في نفوس المسلمين من القتال في الشهر الحرام ، فنزلت هذه الآية ، وقال : " إن الله لعفو " عنهم " غفور " لقتالهم في الشهر الحرام .
قوله تعالى : " ذلك " ; أي : ذلك النصر ، " بأن الله " القادر على ما يشاء . فمن قدرته أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ، وأن الله سميع لدعاء المؤمنين بصير بهم ، حيث جعل فيهم الإيمان والتقوى ، " ذلك " الذي فعل من نصر المؤمنين " بأن الله هو الحق " ; أي : هو الإله الحق . " وأن ما يدعون " قرأ ، ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي وحفص عن : ( يدعون ) بالياء . وقرأ عاصم ، نافع ، وابن عامر عن وأبو بكر بالتاء ، والمعنى : وأن ما يعبدون " عاصم من دونه هو الباطل " .