قوله تعالى : " ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق " يعني : السماوات السبع . قال : كل واحدة طريقة . وقال الزجاج : إنما سميت طرائق بالتطارق ; لأن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقت الشيء : إذا جعلت بعضه فوق بعض . ابن قتيبة
قوله تعالى : " وما كنا عن الخلق غافلين " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : ما غفلنا عنهم إذ بنينا فوقهم سماء أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب .
والثاني : ما كنا تاركين لهم بغير رزق فأنزلنا المطر .
والثالث : لم نغفل عن حفظهم من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم .
قوله تعالى : " وأنزلنا من السماء ماء بقدر " يعلمه الله ، وقال : بقدر ما يكفيهم للمعيشة . مقاتل
قوله تعالى : " وشجرة " هي معطوفة على قوله : " جنات " . وقرأ أبو مجلز ، ، وابن يعمر : ( وشجرة ) بالرفع ، والمراد بهذه الشجرة : شجرة الزيتون . وإبراهيم النخعي
فإن قيل : لماذا خص هذه الشجرة من بين الشجر ؟
فالجواب من أربعة أوجه :
أحدها : لكثرة انتفاعهم بها ، فذكرهم من نعمه ما يعرفون ، وكذلك [ ص: 466 ] خص النخيل والأعناب في الآية الأولى ; لأنهما كانا جل ثمار الحجاز وما والاها ، وكانت النخيل لأهل المدينة ، والأعناب لأهل الطائف .
والثاني : لأنهم لا يكادون يتعاهدونها بالسقي ، وهي تخرج الثمرة التي يكون منها الدهن .
والثالث : أنها تنبت بالماء الذي هو ضد النار ، وفي ثمرتها حياة للنار ومادة لها .
والرابع : لأن أول زيتونة نبتت بذلك المكان فيما زعم . مقاتل
قوله تعالى : " طور سيناء " قرأ ، ابن كثير ، ونافع : ( طور سيناء ) مكسورة السين . وقرأ وأبو عمرو ، عاصم ، وحمزة ، وابن عامر مفتوحة السين ، وكلهم مدها . قال والكسائي : الفراء العرب تقول : ( سيناء ) بفتح السين في جميع اللغات ، إلا بني كنانة فإنهم يكسرون السين . قال أبو علي : ولا تنصرف هذه الكلمة ; لأنها جعلت اسما لبقعة أو أرض ، وكذلك ( سينين ) ، ولو جعلت اسما للمكان ، أو للمنزل ، أو نحو ذلك من الأسماء المذكرة لصرفت ; لأنك كنت قد سميت مذكرا بمذكر . والطور : الجبل .
وفي معنى " سيناء " خمسة أقوال :
أحدها : أنه بمعنى الحسن ، رواه عن أبو صالح . وقال ابن عباس : " الطور " : الجبل بالسريانية ، و " سيناء " : الحسن بالنبطية . وقال الضحاك : يريد : الجبل الحسن . عطاء
والثاني : أنه المبارك ، رواه عن العوفي . ابن عباس
والثالث : أنه اسم حجارة بعينها ، أضيف الجبل إليها لوجودها عنده ، قاله . مجاهد
والرابع : أن طور سيناء : الجبل المشجر ، قاله . [ ص: 467 ] ابن السائب
والخامس : أن سيناء : اسم المكان الذي به هذا الجبل ، قاله . قال الزجاج : وهو أصح الأقوال . قال الواحدي ابن زيد : وهذا هو الجبل الذي نودي منه موسى ، وهو بين مصر وأيلة .
قوله تعالى : " تنبت بالدهن " قرأ ابن كثير : ( تنبت ) برفع التاء وكسر الباء . وقرأ وأبو عمرو ، نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة بفتح التاء وضم الباء . قال والكسائي : وهما لغتان : نبتت وأنبتت ، وكذلك قال الفراء : يقال : نبت الشجر وأنبت في معنى واحد ، قال الزجاج زهير :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
قال : ومعنى " تنبت بالدهن " : تنبت ومعها دهن ، كما تقول : جاءني زيد بالسيف ; أي : جاءني ومعه السيف . وقال : معنى الآية : تنبت الدهن ، والباء زائدة ، كقوله : أبو عبيدة ومن يرد فيه بإلحاد بظلم [ الحج : 25 ] ، وقد بينا هذا المعنى هناك .
قوله تعالى : " وصبغ " وقرأ ، ابن مسعود ، وابن يعمر ، [ ص: 468 ] وإبراهيم النخعي : ( وصبغا ) بالنصب . وقرأ والأعمش ابن السميفع : ( وصباغ ) بألف مع الخفض . قال : الصبغ مثل الصباغ ، كما يقال : دبغ ودباغ ، ولبس ولباس . قال المفسرون : والمراد بالصبغ هاهنا : الزيت ; لأنه يلون الخبز إذا غمس فيه ، والمراد : أنه إدام يصبغ به . ابن قتيبة