وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين . واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين [ ص: 223 ] وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين
قوله تعالى: فأوقد لي يا هامان على الطين قال : المعنى : اصنع لي الآجر ابن قتيبة فاجعل لي صرحا أي : قصرا عاليا . وقال : الصرح : كل بناء متسع مرتفع . وجاء في التفسير أنه لما أمر هامان- وهو وزيره- ببناء الصرح ، جمع العمال والفعلة حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع ، فرفعوه وشيدوه حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد قط ، فلما تم ارتقى الزجاج فرعون فوقه ، وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء ، فردت وهي متلطخة بالدم ، فقال : قد قتلت إله موسى ، فبعث الله تعالى جبريل فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع ، فوقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل ، ووقعت قطعة أخرى في البحر ، وأخرى في المغرب .
قوله تعالى: لعلي أطلع إلى إله موسى أي : أصعد إليه وأشرف عليه وإني لأظنه يعني موسى من الكاذبين في ادعائه إلها غيري . وقال : المعنى : أظن ابن جرير موسى كاذبا في ادعائه أن في السماء ربا أرسله . واستكبر هو وجنوده في الأرض يعني أرض مصر بغير الحق أي : بالباطل والظلم وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون بالبعث للجزاء . قرأ ، ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم : " يرجعون " برفع الياء ; وقرأ وابن عامر ، نافع ، وحمزة : بفتحها . والكسائي
[ ص: 224 ] قوله تعالى: وجعلناهم أي : في الدنيا أئمة أي : قادة في الكفر يأتم بهم العتاة يدعون إلى النار لأن من أطاعهم دخلها ; و " ينصرون " بمعنى : يمنعون من العذاب . وما بعد هذا مفسر في (هود : 60 ، 99) .
قوله تعالى: من المقبوحين أي : من المبعدين الملعونين ; قال : يقال : قبح الله فلانا ، أي : أبعده من كل خير . وقال أبو زيد : معنى الآية : وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة لعنة أخرى ، ثم استقبل الكلام ، فقال : هم من المقبوحين . ابن جريج