ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب . وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد . وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب
قوله تعالى: ولو ترى إذ فزعوا في زمان هذا الفزع قولان .
أحدهما: أنه حين البعث من القبور، قاله الأكثرون .
والثاني: أنه عند ظهور العذاب في الدنيا، رواه عن العوفي وبه قال ابن عباس، وقال قتادة . هو الجيش الذي يخسف به بالبيداء، يبقى منهم رجل فيخبر الناس بما لقوا، وهذا حديث مشروح في التفسير، وأن هذا الجيش يؤم سعيد بن جبير: البيت الحرام لتخريبه، فيخسف بهم . وقال الضحاك هذه الآية فيمن قتل يوم وزيد بن أسلم: بدر من المشركين .
[ ص: 468 ] [ ص: 469 ] قوله تعالى: فلا فوت المعنى: فلا فوت لهم، أي: لا يمكنهم أن يفوتونا وأخذوا من مكان قريب فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: من مكانهم يوم بدر، قاله والثاني: من تحت أقدامهم بالخسف، قاله زيد بن أسلم . والثالث: من القبور، قاله مقاتل . . وأين كانوا، فهم من الله قريب . ابن قتيبة
قوله تعالى: وقالوا أي: حين عاينوا العذاب آمنا به في هاء الكناية أربعة أقوال .
أحدها: أنها تعود إلى الله عز وجل، قاله . والثاني: إلى البعث، قاله مجاهد والثالث: إلى الرسول، قاله الحسن . والرابع: إلى القرآن، قاله قتادة . مقاتل .
قوله تعالى: وأنى لهم التناوش قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن " التناوش " غير مهموز . وقرأ عاصم: أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، والمفضل عن بالهمز . قال عاصم: من همز جعله من " نأشت " ، ومن لم يهمز، جعله من " نشت " ، وهما متقاربان; والمعنى: تناولت الشيء، بمنزلة: ذمت الشيء وذأمته: إذا عبته; وقد تناوش القوم في القتال: إذ تناول بعضهم بعضا بالرماح، ولم يتدانوا كل التداني، وقد يجوز همز " التناؤش " وهي من " نشت " لانضمام الواو، مثل قوله: الفراء: وإذا الرسل أقتت [المرسلات: 11] وقال من همز " التناؤش " فلأن واو التناوش مضمومة، وكل واو مضمومة ضمتها لازمة، إن شئت أبدلت منها همزة، وإن شئت لم تبدل، نحو: أدؤر . وقال الزجاج: : معنى الآية: ابن قتيبة وأنى لهم [ ص: 470 ] التناوش لما أرادوا بلوغه وإدراك ما طلبوا من التوبة من مكان بعيد وهو الموضع الذي تقبل فيه التوبة . وكذلك قال المفسرون: أنى لهم بتناول الإيمان والتوبة وقد تركوا ذلك في الدنيا والدنيا قد ذهبت؟!
قوله تعالى: وقد كفروا به في هاء الكناية أربعة أقوال قد تقدمت في قوله: آمنا به [سبأ: 52] . ومعنى من قبل أي: في الدنيا من قبل معاينة أهوال الآخرة ويقذفون بالغيب أي: يرمون بالظن من مكان بعيد وهو بعدهم عن العلم بما يقولون .
وفي المراد بمقالتهم هذه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنهم يظنون أنهم يردون إلى الدنيا، قاله عن أبو صالح ابن عباس .
والثاني: أنه قولهم في الدنيا: لا بعث لنا ولا جنة ولا نار، قاله الحسن، وقتادة .
والثالث : أنه قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ساحر، هو كاهن، هو شاعر، قاله . مجاهد
قوله تعالى: وحيل بينهم وبين ما يشتهون أي: منع هؤلاء الكفار مما يشتهون، وفيه ستة أقوال .
أحدها: أنه الرجوع إلى الدنيا، قاله والثاني: الأهل والمال والولد، قاله ابن عباس . . والثالث: الإيمان، قاله مجاهد والرابع: طاعة الله، قاله الحسن . والخامس: التوبة، قاله قتادة . والسادس: حيل بين الجيش الذي [ ص: 471 ] خرج لتخريب السدي . الكعبة وبين ذلك بأن خسف بهم، قاله مقاتل .
قوله تعالى: كما فعل وقرأ ، ابن مسعود وأبي بن كعب، وأبو عمران: " كما فعل " بفتح الفاء والعين بأشياعهم من قبل قال أي: بمن كان مذهبه مذهبهم . قال المفسرون: والمعنى: كما فعل بنظرائهم من الكفار من قبل هؤلاء، فإنهم حيل بينهم وبين ما يشتهون . وقال الزجاج: هم أصحاب الفيل حين أرادوا خراب الضحاك: الكعبة إنهم كانوا في شك من البعث ونزول العذاب بهم مريب أي: موقع للريبة والتهمة .