ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم .   والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم .   فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم    . 
قوله تعالى: ومنهم من يستمع إليك  يعني المنافقين . وفيما يستمعون قولان . أحدهما: أنه سماع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة . والثاني: سماع قوله على عموم الأوقات . فأما " الذين أوتوا العلم " ، فالمراد: بهم علماء الصحابة . 
قوله تعالى: ماذا قال آنفا  قال  الزجاج   : أي: ماذا قال الساعة، وهو من قولك: استأنفت الشيء: إذا ابتدأته، وروضة أنف: لمن ترع، أي: لها أول يرعى; فالمعنى: ماذا قال في أول وقت يقرب منا . وحدثنا عن أبي عمر غلام ثعلب  أنه قال: معنى "آنفا" مذ ساعة . وقرأ  ابن كثير،  في بعض الروايات عنه: "أنفا" بالقصر، وهذه قراءة  عكرمة،  وحميد،  وابن محيصن .  قال أبو علي:  يجوز أن يكون  ابن كثير  توهم، مثل حاذر وحذر، وفاكه وفكه . 
وفي استفهامهم قولان . أحدهما: لأنهم لم يعقلوا ما يقول، ويدل عليه باقي الآية . والثاني: أنهم قالوه استهزاء . 
قوله تعالى: والذين اهتدوا  فيهم قولان . أحدهما: أنهم المسلمون،  [ ص: 403 ] قاله الجمهور . والثاني: قوم من أهل الكتاب كانوا على الإيمان بأنبيائهم وبمحمد  صلى الله عليه وسلم، فلما بعث محمد  صلى الله عليه وسلم آمنوا به، قاله  عكرمة .  
وفي الذي زادهم ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الله عز وجل . والثاني: قول الرسول . والثالث: استهزاء المنافقين زاد المؤمنين هدى، ذكرهن  الزجاج   . وفي معنى الهدى قولان . أحدهما: أنه العلم . والثاني: البصيرة . 
وفي قوله: وآتاهم تقواهم  ثلاثة أقوال . أحدها: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله  السدي .  والثاني: اتقاء المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية .  والثالث: أعطاهم التقوى مع الهدى، فاتقوا معصيته خوفا من عقوبته، قاله  أبو سليمان الدمشقي .  
وينظرون بمعنى ينتظرون، أن تأتيهم  وقرأ  أبي بن كعب  ،  وأبو الأشهب،  وحميد:   "إن تأتهم" بكسر الهمزة من غير ياء بعد التاء . والأشراط: العلامات; قال  أبو عبيدة:  الأشراط: الأعلام، وإنما سمي الشرط -فيما ترى- لأنهم أعلموا أنفسهم . قال المفسرون: ظهور النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وانشقاق القمر والدخان وغير ذلك . 
 [ ص: 404 ] فأنى لهم  أي: فمن أين لهم إذا جاءتهم  الساعة ذكراهم  ؟! قال  قتادة:  أنى لهم أن يذكروا ويتوبوا إذا جاءت؟! 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					