[ ص: 144 ] قوله تعالى: ما أصحاب الشمال قد بينا أنه بمعنى التعجب من حالهم; والمعنى: ما لهم، وما أعد لهم من الشر؟! ثم بين لهم سوء منقلبهم فقال: "في سموم" قال هو حر النار . ابن قتيبة:
قوله تعالى: وظل من يحموم قال ظل من دخان . قال ابن عباس: اليحموم: الدخان الأسود، "لا بارد ولا كريم" فوجه الكلام الخفض تبعا لما قبله، ومثله "زيتونة لا شرقية ولا غربية" [النور: 35]، وكذلك قوله: الفراء: وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ، ولو رفعت ما بعد "لا" كان صوابا، والعرب تجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه فعلا ينوى [به] الذم، فتقول: ما هذه الدار بواسعة ولا كريمة، وما هذا بسمين ولا كريم .
قال لا بارد المدخل ولا كريم المنظر . ابن عباس:
قوله تعالى: إنهم كانوا قبل ذلك أي: في الدنيا "مترفين" أي: متنعمين في ترك أمر الله، فشغلهم ترفهم عن الاعتبار والتعبد .
"وكانوا يصرون" أي: يقيمون "على الحنث" وفيه أربعة أقوال .
أحدها: أنه الشرك، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك، وابن زيد .
والثاني: الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه، قاله وعن مجاهد . كالقولين . قتادة
والثالث: أنه اليمين الغموس، قاله الشعبي .
والرابع: الشرك والكفر بالبعث، قاله الزجاج .
قوله تعالى: أوآباؤنا الأولون قال الواو متحركة لأنها ليست بواو "أو" إنما هي "وآباؤنا"، فدخلت عليها ألف الاستفهام فتركت مفتوحة . وقرأ أهل أبو عبيدة: المدينة، "أو آباؤنا" بإسكان الواو . وابن عامر:
[ ص: 145 ] وقد سبق بيان ما لم يذكر ها هنا [هود: 103،الصافات: 62، الأنعام: 70 ] إلى قوله: فشاربون شرب الهيم قرأ أهل المدينة، وعاصم، "شرب" بضم الشين; والباقون بفتحها . قال وحمزة: الفراء: والعرب تقول: شربته شربا، وأكثر أهل نجد يقولون: شربا بالفتح، أنشدني عامتهم:
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها من الشواء ويكفي شربه الغمر
وزعم أن قوما من الكسائي بني سعد بن تميم يقولون: "شرب الهيم" بالكسر . وقال "الشرب" المصدر، و"الشرب" بالضم: الاسم، قال: وقد قيل: إنه مصدر أيضا . الزجاج:
وفي "الهيم" قولان .
أحدهما: الإبل العطاش، رواه ابن أبي طلحة والعوفي عن وبه قال ابن عباس، مجاهد، وعكرمة، وعطاء، والضحاك، قال وقتادة . هي الإبل يصيبها داء فلا تروى من الماء، يقال: بعير أهيم، وناقة هيماء . ابن قتيبة:
والثاني: أنها الأرض الرملة التي لا تروى من الماء، وهو مروي عن أيضا . قال ابن عباس الهيم: ما لا يروى من رمل أو بعير . أبو عبيدة:
قوله تعالى: هذا نزلهم أي: رزقهم . ورواه عباس عن [ ص: 146 ] "نزلهم" بسكون الزاى، أي: رزقهم وطعامهم . وفى "الدين" قولان قد ذكرناهما في "الفاتحة" . أبي عمرو: