وهي مدنية في قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجمهور . وروي عن وعكرمة، أنه قال: العشر الأول منها مدني، والباقي مكي . وعن عطاء أنها مدنية سوى آية، وهي قوله تعالى: ابن السائب: ما يكون من نجوى ثلاثة
بسم الله الرحمن الرحيم
قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير
قوله تعالى: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها أما سبب نزولها، فروي أنها قالت: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في جانب البيت أسمع كلامها، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها وتقول: يا رسول الله: أبلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، قالت: فما برحت حتى نزل عائشة جبريل بهذه الآيات . [ ص: 181 ] فأما تفسيرها، فقوله تعالى: عن قد سمع الله قال إدغام الدال في السين حسن لقرب المخرجين، لأنهما من حروف طرف اللسان، وإظهار الدال جائز، لأنه وإن قرب من مخرج السين، فله حيز على حدة، ومن موضع الدال الطاء والتاء، فهذه الأحرف الثلاثة موضعها واحد، والسين والزاي والصاد من موضع واحد، وهي تسمى: حروف الصفير . وفي اسم هذه المجادلة ونسبتها أربعة أقوال . الزجاج:
أحدها: خولة بنت ثعلبة، رواه عن مجاهد، وبه قال ابن عباس، عكرمة، وقتادة، والقرظي .
والثاني: خولة بنت خويلد، رواه عن عكرمة ابن عباس .
والثالث: خولة بنت الصامت، رواه عن العوفي ابن عباس .
والرابع: خولة بنت الدليج، قاله واسم زوجها: أبو العالية . أوس بن الصامت، وكانا من الأنصار .
قال ابن عباس: أوس، ثم ندم، وقال لامرأته: انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه، فأتته، فنزلت هذه الآيات . فأما مجادلتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان كلما قال لها: قد حرمت عليه تقول: والله ما ذكر طلاقا، فقال: ما أوحي إلي في هذا شيء، فجعلت تشتكي إلى الله . وتشتكي بمعنى: تشكو . يقال: اشتكيت ما بي، وشكوته . وقالت: إن لي [ ص: 182 ] صبية صغارا، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا . فأما التحاور، فهو مراجعة الكلام . قال كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية: أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه، فكان أول من ظاهر في الإسلام عنترة في فرسه:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي