[ ص: 318 ] سورة الملك
وهي مكية بإجماعهم
قال هي المانعة من عذاب القبر . ابن مسعود:
بسم الله الرحمن الرحيم
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير [ ص: 319 ] قوله تعالى: تبارك قد شرحناه في [الأعراف: 54] .
قوله تعالى: الذي بيده الملك قال يعني: السلطان يعز ويذل . ابن عباس:
قوله تعالى: الذي خلق الموت والحياة قال خلق الموت المزيل للحياة، والحياة التي هي ضد الموت الحسن: ليبلوكم أيكم أحسن عملا قد شرحناه في [هود: 7] قال والمعلق بـ "أيكم" مضمر تقديره: ليبلوكم، فيعلم أيكم أحسن عملا، وهذا علم وقوع . وارتفعت "أي" بالابتداء، ولا يعمل فيها ما قبلها، لأنها على أصل الاستفهام، ومثله "أي الحزبين أحصى" [الكهف: 12] . والمعنى: خلق الحياة ليختبركم فيها، وخلق الموت ليبعثكم ويجازيكم . وقال غيره: اللام في "ليبلوكم" متعلق بخلق الحياة دون خلق الموت، لأن الابتلاء بالحياة، الزجاج: الذي خلق سبع سماوات طباقا أي: خلقهن مطابقات، أي: بعضها فوق بعض "ما ترى" يا ابن آدم "في خلق الرحمن من تفاوت" قرأ حمزة "من تفوت" بتشديد الواو من غير ألف . وقرأ الباقون بألف . قال والكسائي: وهما بمنزلة واحدة، كما تقول: تعاهدت الشيء، وتعهدته . والتفاوت: الاختلاف . وقال الفراء: التفاوت: الاضطراب والاختلاف، وأصله من الفوت، وهو أن يفوت شيء شيئا، فيقع الخلل، ولكنه متصل بعضه ببعض . ابن قتيبة:
قوله تعالى: فارجع البصر أي: كرر البصر هل ترى من فطور [ ص: 320 ] وقرأ أبو عمرو، وحمزة، "هل ترى" بإدغام اللام في التاء، أي: هل ترى فيها فروجا وصدوعا . والكسائي
قوله تعالى: ثم ارجع البصر كرتين أي: مرة بعد مرة "ينقلب إليك البصر خاسئا" قال أي: مبعدا من قولك: خسأت الكلب: إذا باعدته ابن قتيبة: "وهو حسير" أي: كليل منقطع عن أن يلحق ما نظر إليه . وقال قد أعيا من قبل أن يرى في السماء خللا . الزجاج:
قوله تعالى: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وقد شرحناه في [حم السجدة: 12] وجعلناها رجوما للشياطين أي: يرجم بها مسترقو السمع . وقد سبق بيان هذا المعنى [الحجر: 18] "وأعتدنا لهم" أي: في الآخرة "عذاب السعير" وهذا وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله تعالى: سمعوا لها شهيقا أي: صوتا مثل صوت الحمار . وقد بينا معنى الشهيق في [هود: 106] "وهي تفور" أي: تغلي بهم كغلي المرجل "تكاد تميز" أي: تتقطع من تغيظها عليهم "كلما ألقي فيها فوج" أي: جماعة منهم سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير؟! وهذا سؤال توبيخ .
قوله تعالى: إن أنتم أي: قلنا للرسل: "إن أنتم إلا في ضلال" أي: في ذهاب عن الحق بعيد . قال ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا: الزجاج: "لو كنا نسمع" أي: سماع من يعي ويفكر "أو نعقل" عقل من يميز وينظر "ما كنا" من أهل النار "فسحقا" أي: بعدا . وهو منصوب على المصدر، المعنى: أسحقهم الله سحقا، أي: باعدهم الله من رحمته مباعدة، والسحيق: البعيد . وكذلك روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس "فسحقا" أي: بعدا وقال ، سعيد بن جبير السحق: واد في جهنم يقال له: سحق . وأبو صالح: