وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون   
قوله تعالى: وكذلك نصرف الآيات  قال  الأخفش  وكذلك معناها: وهكذا . وقال  الزجاج   : المعنى: ومثل ما بينا فيما تلي عليك ، نبين الآيات . قال  ابن عباس   : نصرف الآيات ، أي: نبينها في كل وجه ، ندعوهم بها مرة ، ونخوفهم بها أخرى . وليقولوا  يعني أهل مكة  حين تقرأ عليهم القرآن "دارست" . 
قال  ابن الأنباري:  معنى الآية: وكذلك نصرف الآيات ، لنلزمهم الحجة ، وليقولوا: دارست; وإنما صرف الآيات ليسعد قوم بفهمها والعمل بها ، ويشقى آخرون بالإعراض عنها; فمن عمل بها سعد ، ومن قال: دارست ، شقي . قال  الزجاج   : وهذه اللام في ليقولوا يسميها أهل اللغة لام الصيرورة . والمعنى: أن السبب الذي أداهم إلى أن قالوا: دارست ، هو تلاوة الآيات ، وهذا كقوله: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا   [القصص:8] وهم لم يطلبوا بأخذه أن يعاديهم ، ولكن كان عاقبة الأمر أن صار لهم عدوا وحزنا . ومثله أن تقول: كتب فلان الكتاب لحتفه ، فهو لم يقصد أن يهلك نفسه بالكتاب ، ولكن العاقبة كانت الهلاك . 
فأما "دارست" فقرأ  ابن كثير   وأبو عمرو:  دارست بالألف وسكون السين وفتح التاء; ومعناها: ذاكرت أهل الكتاب . وقرأ  عاصم ،   وحمزة ،   والكسائي:   [ ص: 101 ]  "درست" بسكون وفتح التاء ، من غير ألف ، على معنى: قرأت كتب أهل الكتاب . قال المفسرون: معناها: تعلمت من جبر ويسار . وسنبين هذا في قوله: إنما يعلمه بشر   [النحل:103] إن شاء الله وقرأ  ابن عامر ،  ويعقوب:   "درست" بفتح الراء والسين وسكون التاء من غير ألف . والمعنى: هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة قد درست . أي: قد مضت وامحت . وجميع من ذكرنا فتح الدال في قراءته . وقد روي عن  نافع  أنه قال: "درست" برفع الدال ، وكسر الراء وتخفيف التاء ، وهي قراءة  ابن يعمر;  ومعناها: قرئت . وقرأ  أبي بن كعب:   "درست" بفتح الدال والسين وضم الراء وتسكين التاء . قال  الزجاج   : وهي بمعنى: "درست" أي: امحت; إلا أن المضمومة الراء أشد مبالغة . وقرأ معاذ القارئ ،   وأبو العالية ،   ومورق:   "درست" برفع الدال ، وكسر الراء وتشديدها ساكنة السين . وقرأ  ابن مسعود ،   وطلحة بن مصرف:   "درس" بفتح الراء والسين بلا ألف ولا تاء . وروى عصمة  عن  الأعمش:   "دارس" بألف . 
قوله تعالى: ولنبينه يعني التصريف لقوم يعلمون  ما تبين لهم من الحق فقبلوه . 
				
						
						
