القول في تأويل قوله تعالى :
[ 94 ] يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون .
يعتذرون إليكم إذا رجعتم أي : سدا للسبيل عليهم في التخلف : قل لا تعتذروا أي : لظهور كذبكم ، إذ لم يمنعكم فقر ولا مرض ، ولا يفيدكم الاعتذار لن نؤمن لكم أي : لن نصدق قولكم .
وقوله تعالى : قد نبأنا الله من أخباركم [ ص: 3236 ] تعليل لانتفاء التصديق ، أي : أعلمنا بالوحي من أسراركم ونفاقكم ، وفسادكم ما ينافي التصديق وسيرى الله عملكم ورسوله أي : من الرجوع عن الكفر ، أو الثبات عليه ، علما يتعلق به الجزاء ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة أي : للجزاء بما ظهر منكم ، من الأعمال ووضع المظهر موضع المضمر ، لتشديد الوعيد ، وأنه تعالى مطلع على سرهم وعلنهم ، لا يفوت عن علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم ، فيجازيهم على حسب ذلك .
قال في ( " النبراس " ) : المراد بالغيب ما غاب عن العباد ، أو ما لم يعلمه العباد ، أو ما يكون ، وبالشهادة ما علمه العباد ، أو ما كان .
فينبئكم أي : يخبركم بما كنتم تعملون أي : في الدنيا ، قبل إعلامهم به .
وذكره لهم للتوبيخ .
قال أبو السعود : المراد بالتنبئة بذلك ، المجازاة به ، وإيثارها عليها ، لمراعاة ما سبق من قوله تعالى : قد نبأنا الله إلخ ، فإن المنبأ به الأخبار المتعلقة بأعمالهم ، وللإيذان بأنهم ما كانوا عالمين في الدنيا بحقيقة أعمالهم ، وإنما يعلمونها حينئذ .
ثم أخبر تعالى عما سيؤكدون به معاذيرهم ، من أيمانهم الفاجرة ، بقوله سبحانه :