[ ص: 84 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الشعراء
هي مكية في قول الجمهور . وقال
مقاتل : منها مدني ; الآية التي يذكر فيها الشعراء ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل . وقال
ابن عباس وقتادة : مكية إلا أربع آيات منها نزلت
بالمدينة من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224والشعراء يتبعهم الغاوون إلى آخرها . وهي مائتان وسبع وعشرون آية . وفي رواية : ست وعشرون . وعن
ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم :
أعطيت السورة التي تذكر فيها البقرة من الذكر الأول وأعطيت ( طه ) و ( طسم ) من ألواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864317إن الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة وأعطاني المبين مكان الإنجيل وأعطاني الطواسين مكان الزبور وفضلني بالحواميم والمفصل ما قرأهن نبي قبلي . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=1طسم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=2تلك آيات الكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=6فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=7أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=8إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=9وإن ربك لهو العزيز الرحيم .
[ ص: 85 ] nindex.php?page=treesubj&link=28997قوله تعالى : طسم قرأ
الأعمش ويحيى وأبو بكر والمفضل وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف : بإمالة الطاء مشبعا في هذه السورة وفي أختيها . وقرأ
نافع وأبو جعفر وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : بين اللفظين ; واختاره
أبو عبيد وأبو حاتم . وقرأ الباقون بالفتح مشبعا . قال
الثعلبي : وهي كلها لغات فصيحة . وقد مضى في ( طه ) قول
النحاس في هذا . قال
النحاس : وقرأ المدنيون
وأبو عمرو وعاصم والكسائي : " طسم " بإدغام النون في الميم ،
والفراء يقول بإخفاء النون . وقرأ
الأعمش :
وحمزة : ( طسين ميم ) بإظهار النون . قال
النحاس : للنون الساكنة والتنوين أربعة أقسام عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : يبينان عند حروف الحلق ، ويدغمان عند الراء واللام والميم والواو والياء ، ويقلبان ميما عند الباء ويكونان من الخياشيم ; أي لا يبينان ; فعلى هذه الأربعة الأقسام التي نصها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لا تجوز هذه القراءة ; لأنه ليس هاهنا حرف من حروف الحلق فتبين النون عنده ، ولكن في ذلك وجيه : وهو أن حروف المعجم حكمها أن يوقف عليها ، فإذا وقف عليها تبينت النون . قال
الثعلبي : الإدغام اختيار أبي عبيد
وأبي حاتم قياسا على كل القرآن ، وإنما أظهرها أولئك للتبيين والتمكين ، وأدغمها هؤلاء لمجاورتها حروف الفم . قال
النحاس : وحكى
أبو إسحاق في كتابه ; فيما يجرى وفيما لا يجرى أنه يجوز أن يقال : ( طسين ميم ) بفتح النون وضم الميم ، كما يقال هذا
معدي كرب . وقال
أبو حاتم : قرأ
خالد : ( طسين ميم ) .
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=1طسم قسم وهو اسم من أسماء الله تعالى ، والمقسم عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية . وقال
قتادة : اسم من أسماء القرآن أقسم الله به .
مجاهد : هو اسم السورة ; ويحسن افتتاح السورة .
الربيع : حساب مدة قوم . وقيل : قارعة تحل بقوم . طسم و طس واحد . قال المتنبي :
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
وقال
القرظي : أقسم الله بطوله وسنائه وملكه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل : الطاء
طور سيناء والسين
إسكندرية والميم
مكة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد بن علي : الطاء شجرة طوبى ، والسين
سدرة المنتهى ، والميم
محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : الطاء من الطاهر والسين من القدوس . وقيل : من السميع وقيل : من السلام - والميم من المجيد . وقيل : من الرحيم . وقيل : من الملك . وقد مضى هذا المعنى في أول سورة ( البقرة ) . والطواسيم والطواسين سور في القرآن جمعت على غير قياس . وأنشد
أبو عبيدة :
وبالطواسيم التي قد ثلثت وبالحواميم التي قد سبعت
[ ص: 86 ] قال
الجوهري : والصواب أن تجمع ب " ذوات " وتضاف إلى واحد ، فيقال : ذوات طسم وذوات حم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=2تلك آيات الكتاب المبين رفع على إضمار مبتدأ أي هذه
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=2تلك آيات الكتاب المبين التي كنتم وعدتم بها ; لأنهم قد وعدوا في التوراة والإنجيل بإنزال القرآن . وقيل : تلك بمعنى هذه .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لعلك باخع نفسك أي قاتل نفسك ومهلكها . وقد مضى في الكهف بيانه .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3ألا يكونوا مؤمنين أي لتركهم الإيمان . قال
الفراء : ( أن ) في موضع نصب ; لأنها جزاء . قال
النحاس : وإنما يقال : " بإن " مكسورة لأنها جزاء ; كذا المتعارف . والقول في هذا ما قاله
أبو إسحاق في كتابه في القرآن ; قال : ( أن ) في موضع نصب مفعول من أجله ; والمعنى لعلك قاتل نفسك لتركهم الإيمان .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية أي معجزة ظاهرة وقدرة باهرة فتصير معارفهم ضرورية ، ولكن سبق القضاء بأن تكون المعارف نظرية . وقال
أبو حمزة الثمالي في هذه الآية : بلغني أن لهذه الآية صوتا يسمع من السماء في النصف من شهر رمضان ; تخرج به العواتق من البيوت وتضج له الأرض . وهذا فيه بعد ; لأن المراد
قريش لا غيرهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فظلت أعناقهم لها خاضعين أي فتظل أعناقهم لها خاضعين قال
مجاهد : أعناقهم كبراؤهم ، وقال
النحاس : ومعروف في اللغة ; يقال : جاءني عنق من الناس أي رؤساء منهم .
أبو زيد nindex.php?page=showalam&ids=13674والأخفش : أعناقهم جماعاتهم ; يقال : جاءني عنق من الناس أي جماعة . وقيل : إنما أراد أصحاب الأعناق ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه .
قتادة : المعنى لو شاء لأنزل آية يذلون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية .
ابن عباس : نزلت فينا وفي
بني أمية ستكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد
معاوية ; ذكره
الثعلبي والغزنوي فالله أعلم . وخاضعين وخاضعة هنا سواء ; قاله
عيسى بن عمر واختاره
المبرد . والمعنى : إنهم إذا ذلت رقابهم ذلوا ; فالإخبار عن الرقاب إخبار عن أصحابها . ويسوغ في كلام العرب أن تترك الخبر عن الأول وتخبر عن الثاني ; قال الراجز :
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي وطوين عرضي
فأخبر عن الليالي وترك الطول . وقال
جرير :
أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال
وإنما جاز ذلك لأنه لو أسقط " مر " و " طول " من الكلام لم يفسد معناه ; فكذلك رد الفعل إلى الكناية في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فظلت أعناقهم لأنه لو أسقط الأعناق لما فسد الكلام ، ولأدى ما بقي من الكلام عنه حتى يقول : فظلوا لها خاضعين . وعلى هذا اعتمد
الفراء وأبو عبيدة . .
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي [ ص: 87 ] يذهب إلى أن المعنى : خاضعيها هم ، وهذا خطأ عند
البصريين والفراء . ومثل هذا الحذف لا يقع في شيء من الكلام ; قاله
النحاس . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين تقدم في ( الأنبياء ) فقد كذبوا أي أعرضوا ومن أعرض عن شيء ولم يقبله فهو تكذيب له .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=6فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون وعيد لهم ; أي فسوف يأتيهم عاقبة ما كذبوا والذي استهزءوا به .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=7أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم نبه على عظمته وقدرته وأنهم لو رأوا بقلوبهم ونظروا ببصائرهم لعلموا أنه الذي يستحق أن يعبد ; إذ هو القادر على كل شيء . والزوج هو اللون ; قاله
الفراء . و ( كريم ) حسن شريف ، وأصل الكرم في اللغة الشرف والفضل ، فنخلة كريمة أي فاضلة كثيرة الثمر ، ورجل كريم شريف : فاضل صفوح . ونبتت الأرض وأنبتت بمعنى . وقد تقدم في سورة ( البقرة ) والله سبحانه هو المخرج والمنبت له . وروي عن
الشعبي أنه قال : الناس من نبات الأرض فمن صار منهم إلى الجنة فهو كريم ، ومن صار إلى النار فهو لئيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=8إن في ذلك لآية أي فيما ذكر من الإنبات في الأرض لدلالته على أن الله قادر ، لا يعجزه شيء .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=8وما كان أكثرهم مؤمنين أي مصدقين لما سبق من علمي فيهم . و " كان " هنا صلة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ; تقديره : وما أكثرهم مؤمنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=9وإن ربك لهو العزيز الرحيم يريد المنيع المنتقم من أعدائه ، الرحيم بأوليائه .