القول في تأويل قوله تعالى:
[71 - 76] ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون
ويقولون متى هذا الوعد أي: بالعذاب: إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم أي: لحقكم أو دنا لكم: بعض الذي تستعجلون أي: من العذاب، فحصل لهم القتل ببدر. ولعذاب الآخرة أمر. قال : وعسى ولعل وسوف في وعد الملوك ووعيدهم، يدل على صدق الأمر وجده، وما لا مجال للشك بعده. وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم، وأنهم لا يعجلون بالانتقام، لإدلالهم بقهرهم وغلبتهم، ووثوقهم أن عدوهم لا يفوتهم، وأن الرمزة إلى الأغراض كافية من جهتهم. فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده. انتهى. أي: لأن حقيقة الترجي محال في حقه تعالى. فهو على هذا استعارة تمثيلية. قاله [ ص: 4684 ] الزمخشري الشهاب: وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون أي: لذو إفضال وإنعام عليهم، بتأخير العقوبة وعدم معاجلتهم بها. ولكن أكثرهم لا يعرفون حق النعمة فيه فلا يشكرونه، بل بجهلهم يستعجلونها: وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون أي: من عداوة رسوله ونصب المكايد له. وهو معاقبهم على ذلك: وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين أي: وما من خافية فيهما، إلا وقد علمها الله وأحاط بها وأثبتها في اللوح البين، المثبت فيه مقدوراته تعالى. أو المراد بالكتاب القضاء العدل، على طريق الاستعارة، بتشبيهه بالكتاب الجامع للوقائع، كالسجل: إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون أي: فهو مصدق لما بين يديه، ومهيمن عليه. يقص القصص الحق، ويفصل بين ما اختلفوا فيه بالصدق. فالمعول من أنبائهم عليه، ومرد ما اختلفوا فيه إليه.