القول في تأويل قوله تعالى:
[15] وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما أي: في إشراك ما لا تعلمه مستحقا للعبادة، تقليدا لهما. وقال : أراد بنفي العلم به نفيه، أي: لا تشرك بي ما ليس بشيء، يريد الأصنام. كقوله: الزمخشري ما يدعون من دونه من شيء
قال في (الكشف): ليس هذا من قبيل نفي العلم لنفي وجوده، كما مر في القصص. وإلا لقال ما ليس بموجود. بل أراد أنه بولغ في نفيه حتى جعل كلا شيء، ثم بولغ في سلك المجهول المطلق.
قال الشهاب: وهذا تقرير حسن، فيه مبالغة عظيمة: وصاحبهما في الدنيا معروفا أي: صحابا معروفا يرتضيه الشرع، ويقتضيه الكرم.
قال السيوطي في (الإكليل): في الآية أن ومع ذلك يصحب معروفا: الوالد لا يطاع في الكفر، واتبع سبيل من أناب إلي أي: بالتوحيد والإخلاص في الطاعات، وعمل [ ص: 4800 ] الصالحات: ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون كناية عن الجزاء، كما تقدم نظائره.
قال القاضي: والآيتان، يعني: ووصينا الإنسان إلى قوله -: تعملون معترضتان في تضاعيف وصية لقمان، تأكيدا لما فيها من النهي عن الشرك. كأنه قال: وقد وصينا بمثل ما وصى به، وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك; فإنهما -مع أنهما تلو البارئ تعالى في استحقاق التعظيم والطاعة- لا يجوز أن يطاعا في الإشراك. فما ظنك بغيرهما؟ انتهى.
ثم يبين تعالى بقية وصايا لقمان، بقوله سبحانه: