[16 - 17] يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل أي: إن الخصلة من الإساءة أو الإحسان، إن تك مثلا في الصغر كحبة الخردل: فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض أي: فتكن مع كونها في أقصى غايات الصغر، في أخفى مكان وأحرزه، كجوف الصخرة، أو حيث كانت في العلم العلوي أو السفلي: يأت بها الله أي: يحضرها ويحاسب عليها: إن الله لطيف أي: ينفذ علمه وقدرته في كل شيء: خبير أي: يعلم كنه الأشياء، فلا يعسر عليه. والآية هذه كقوله تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس [ ص: 4801 ] شيئا الآية، وقوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
لطيفة:
قوله تعالى: فتكن في صخرة الآية، من البديع الذي يسمى التتميم; فإنه تمم خفاءها في نفسها بخفاء مكانها من الصخرة، وهو من وادي قولها:
كأنه علم في رأسه نار
يا بني أقم الصلاة أي: بحدودها وفروضها وأوقاتها، لتكميل نفسك بعبادة ربك: وأمر بالمعروف وانه عن المنكر لتكميل غيرك: واصبر على ما أصابك أي: من المحن والبلايا، أو فيما أمرت به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر; لأن وهو أظهر. ويطابقه آية: الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر إن ذلك إشارة إلى الصبر، أو إلى كل ما أمر به: من عزم الأمور أي: مما عزمه الله من الأمور، أي: قطعه قطع إيجاب.