القول في تأويل قوله تعالى:
[59 - 62] أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا
أفمن هذا الحديث يعني القرآن الذي قص ما تقدم، وأنذر بما أخبر تعجبون أي: تعجب إنكار مع أن ما حواه مما يلجئ إلى الإذعان والإقرار، بل مما يفيض لحقيته الدمع المدرار، كما قال: وتضحكون أي: استهزاء ولا تبكون أي: مما فيه من وعيد للعصاة، ومما فرط منكم قبل سماع ذكراه كما يفعله الموقنون به، المحدث عنهم في آية: ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وأنتم سامدون أي: لاهون عما فيه من العبر، معرضون عن آياته كبرا.
قال مجاهد: كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم غضابا مبرطمين، أي: شامخين.
[ ص: 5590 ] وعن ابن عباس: هو الغناء: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا، وهي لغة أهل اليمن. يقولون: اسمد لنا: تغن لنا. والمآل واحد وإن اختلفت العبارة عنه. ولا ريب أن كل ذلك مما كان يصدر عن المشركين.
قال في (الإكليل): فيه استحباب البكاء عند القراءة، وذم الضحك والغناء واللهو واللعب والغفلة، كما فسر بالأربعة قوله: سامدون وفسره السدي بالاستكبار.
فاسجدوا لله واعبدوا أي: واعبدوه دون من سواه من الأوثان، فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له، فلا تجعلوا له شريكا في عبادته.
وعن قال: عبد الله بن مسعود والنجم « فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم » وسجد من خلفه ... الحديث. وتقدم في أول السورة. أول سورة أنزلت فيها سجدة
وروى الإمام عن أحمد المطلب بن وداعة قال: « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم، فسجد » وسجد من عنده، فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد -ولم يكن أسلم يومئذ المطلب - فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا قرأها إلا سجد معه. ورواه . النسائي