القول في تأويل قوله تعالى:
[9] كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر
كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر أي: زجر عن الإنذار والتبليغ بشدة وقساوة، كما يدل عليه صيغة: افتعل.
قال الناصر : وليس قوله " فكذبوا " الثاني تكرارا، لأن الأول مطلق، والثاني مقيد. وهو كقوله في السورة فتعاطى فعقر فإن تعاطيه هو نفس عقره، ولكن ذكره من جهة عمومه، ثم من ناحية خصوصه إسهابا، وهو بمثابة ذكره مرتين. وجواب آخر هنا , [ ص: 5598 ] وهو أن المكذب أولا محذوف دل عليه ذكر نوح، فكأنه قال: كذبت قوم نوح نوحا، ثم جاء بتكذيبهم ثانيا مضافا إلى قوله " عبدنا " فوصف نوحا بخصوص العبودية، وأضافه إليه إضافة تشريف؛ فالتكذيب المخبر عنه ثانيا أبشع عليهم من المذكور أولا، لتلك اللمحة. انتهى.