[25 - 37] وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه [ ص: 5917 ] هلك عني سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم ها هنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون
وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول أي: عندما يلاقي العذاب يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه أي: أي شيء حسابي.
يا ليتها كانت القاضية قال : أي: يا ليت الموتة التي متها في الدنيا كانت هي الفراغ من كل ما بعدها، ولم يكن بعدها حياة ولا بعث. و (القضاء) هو الفراغ. وقيل: إنه تمنى الموت الذي يقضي عليه، فتخرج منه نفسه. ابن جرير
ما أغنى عني ماليه أي: ما دفع من عذاب الله شيئا.
هلك عني سلطانيه أي: ملكي وتسلطي على الناس. أو حجتي، فلا حجة لي أحتج بها.
خذوه أي: يقال لخزنة النار: خذوه بالقهر والشدة فغلوه أي: ضموا يده إلى عنقه; إذ لم يشكر ما ملكته.
[ ص: 5918 ] ثم الجحيم صلوه أي: أدخلوه ليصلى فيها; لأنه لم يشكر شيئا من النعم، فأذيقوه شدائد النقم.
ثم في سلسلة أي: حلقة منتظمة بأخرى، وهي بثالثة، وهلم جرا.
ذرعها أي: مقدارها سبعون ذراعا فاسلكوه فأدخلوه فيها. أي: لفوه بها، بحيث يكون فيما بين حلقها مرهقا، لا يقدر على حركة. قال القاشاني: والسبعون في العرف عبارة عن الكثرة غير المحصورة، لا العدد المعين.
ثم علل استحقاقه ذلك، على طريقة الاستئناف، بقوله:
إنه كان لا يؤمن بالله العظيم أي: المستحق للعظمة وحده، بل كان يشرك معه الجماد المهين.
ولا يحض على طعام المسكين أي: إطعامه، فضلا عن بذله، لتناهي شحه.
فليس له اليوم ها هنا حميم أي: قريب تأخذه الحمية له.
ولا طعام إلا من غسلين أي: من غسالة أهل النار وصديدهم.
قال : كان بعض أهل العربية من أهل ابن جرير البصرة يقول: كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين -فعلين- من الغسل من الجراح والدبر، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين.
لا يأكله إلا الخاطئون أي: الآثمون أصحاب الخطايا، يقال: خطئ الرجل، إذا تعمد الخطأ. قال الرازي: الطعام ما هيئ للأكل، فلما هيئ الصديد ليأكله أهل النار طعاما لهم. ويجوز أن يكون المعنى أن ذلك أقيم مقام الطعام، فسمي طعاما. كما قال:
تحية بينهم ضرب وجيع
[ ص: 5919 ]