6- قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة الآية. هذه الآية أصل في الطهارات كلها ففيها الوضوء والغسل والتيمم وفيها أسباب الحدث ففي قوله: إذا قمتم إلى الصلاة النوم ، قال في تفسيره: إذا قمتم من النوم وفي لفظ القيام إشارة إلى أن زيد بن أسلم وفي قوله: النوم قاعدا لا ينقض أو جاء أحد منكم من الغائط وفي قوله: "أو لمستم النساء" بلا ألف النقض باللمس وهو الجس باليد كما قاله نقض الوضوء بالخارج من السبيلين. ، قال ابن عمر محمد بن مسلمة: كل شيء يوجب الوضوء فهو في القرآن فلما ذكر لنا ما يوجب الوضوء لم يجب في قيء ولا رعاف ولا شيء يخرج من الجسد ، قال: وأما الإغماء والنعاس فداخلان في النوم والخارج من السبيلين ، قال: وأما مس الذكر عند من يراه فلأنه مظنة الشهوة فكان في لمس النساء إشارة إليه انتهى. وفي الآية أن غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين فقط وفي قوله: [ ص: 109 ] الواجب في الوضوء وامسحوا برءوسكم دليل على الاكتفاء بأقل جزء على أن الباء للإلصاق أو وجوب الاستيعاب إن كانت زائدة أو الربع لدخول الباء على الممسوح لا على الآلة قوله: وأرجلكم قرئ بالنصب والجر فالأولى للغسل والثانية لمسح الخف; لأن تعدد القراءات بمنزلة تعدد الآيات ، واستدل الشيعة بقراءة الجر على الاكتفاء بمسح الرجل ، واستدل بها على التخيير بين الغسل والمسح واستدل بالآية من قال بوجوب الترتيب إما لأن الواو يقتضيه أو من باب "ابدءوا بما بدأ الله به" ويؤيد إرادته أمران: الفصل بالممسوح بين المغسولين ، وذكر الأعضاء لا على الترتيب الطبيعي ، واستدل بالآية على ابن جرير أخرجه الوضوء لكل صلاة وقد كان واجبا أول الإسلام ثم نسخ فلعله استدل به على الاستحباب وهو باق ، وفي الآية ابن جرير وفي قوله: إيجاب الغسل بالجنابة الصادقة بالإنزال والجماع أو لامستم النساء بالألف إشارة إلى الجماع كما فسره ، وفي الآية مشروعية ابن عباس بحيث يشق استعماله وأنه يكون عن الحدث الأصغر والأكبر على قراءة "لامستم" وأنه خاص بالتراب الطهور الذي له غبار فلا يجوز بسائر المعادن ولا بالحجر والخشب بدليل قوله منه فإن الإتيان بمن الدالة على التبعيض يقتضي أن يمسح بشيء يحصل على الوجه واليدين بعضه وفيها وجوب القصد لقوله: التيمم عند فقد الماء والمرض فتيمموا صعيدا طيبا أي: اقصدوه ، واختصاص التيمم بالوجه واليدين وإن كان عن حدث أكبر ، وقد يستدل بالآية على أنه لا يجب استيعاب اليدين إلى المرفقين; لأنه تعالى لم يذكر ذلك كما ذكره في الوضوء ومن أوجبه حمل المطلق على المقيد وفيها وجوب طلب الماء قبل التيمم حتى يتحقق فقده واختصاص الطهورية بالماء للأمر بالعدول عن فقده إلى التيمم ولو كان غيره مطهرا لأمر به قبله وفيها وجوب استعمال ما لا يكفيه; لأنه يصدق عليه أنه واجد ماء وأنه لا يجوز التيمم قبل الوقت بقوله أول الآية: إذا قمتم إلى الصلاة خرج الوضوء لدليل فبقي هو على حالة ويلزم من ذلك أن لا يؤدى به أكثر من فرض واحد وفيها ما يشعر بأنه مسقط للفرض في حالتي السفر والمرض; لأنه تعالى لم يذكر وجوب القضاء ، وفي الآية دليل على أن الوضوء يراد للصلاة بخلاف غيرها من الذكر والكلام وشرط لصحتها وأنه لا يجب إلا بالقيام إليها قال وفيها دليل على ابن الفرس: لأنه شرط في صحة فعله إرادة الصلاة فإذا فعله تبردا أو تنظفا فلم يفعله على الشرط الذي شرطه تعالى ، ورد على ما أوجب التسمية والمضمضة والاستنشاق لحديث "توضأ كما أمرك الله" وليس في الآية سوى الأعضاء الأربعة وعلى ما أوجب غسل باطن العين; لأنه ليس من الوجه إذ لا تقع به المواجهة ، واستدل بإلى من قال بعدم دخول المرفقين والكعبين في الغسل لخروج الغاية لغة ومن أدخلهما قال: "إلى" بمعنى: مع ، [ ص: 110 ] وفيها أنه لا يجزئ المسح على العمامة والخمار ولا ما طال من شعر الرأس; لأن ذلك ليس برأس وفيها جواز اشتراط النية; من غير تأقيت ، قال المسح على الخفين وفي لفظ الغسل دليل على وجوب الدلك وإمرار اليد إذ الغسل في اللغة لا يكون إلا مع إمرار اليد وكذا في المسح وهو ممنوع ، واستدل بالآية من قال: لا يجزئ غسل الرأس وفيها عدم وجوب التثليث; لأن الأمر لا يدل على تكراره والمرة تخرج عن العهدة. ابن الفرس: