اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
وقد سمى الله ذلك فاحشة وقوله في سياق ذلك : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } يتناول أيضا وإبداءها ويؤكد ذلك أن إبداء فعل النكاح باللفظ الصريح يسمى فحشاء وتفحشا فكشف الأعضاء والفعل للبصر ككشف ذلك للسمع . كشف العورة[ ص: 382 ] وكل واحد من الكشفين يسمى وصفا كما قال عليه السلام { } ويقال : فلان يصف فلانا وثوب يصف البشرة ثم إن كل واحد من إظهار ذلك للسمع والبصر يباح للحاجة ; بل يستحب إذا لم يحصل المستحب أو الواجب إلا بذلك { لا تنعت المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها لماعز : أنكتها } وكقوله { كقول النبي صلى الله عليه وسلم } . من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا
والمقصود أن وهذا كما أن ذلك يتناول ما فحش وإن كان بعقد نكاح كقوله تعالى : { الفاحشة تتناول الفعل القبيح وتتناول إظهار الفعل وأعضاءه ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا } فأخبر أن هذا النكاح فاحشة وقد قيل إن هذا من الفواحش الباطنة فظهر أن الفاحشة تتناول العقود الفاحشة كما تتناول المباشرة بالفاحشة ; فإن قوله : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } يتناول العقد والوطء . وفي قوله : { ما ظهر منها وما بطن } عموم لأنواع كثيرة من الأقوال والأفعال بقوله : { وأمر تعالى بحفظ الفرج مطلقا ويحفظوا فروجهم } وبقوله : { والذين هم لفروجهم حافظون } { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } الآيات . وقال : { والحافظين فروجهم والحافظات } فحفظ الفرج مثل قوله : { والحافظون لحدود الله } وحفظها هو صرفها عما لا يحل .
[ ص: 383 ] وأما فلا بد من فتحها والنظر بها وقد يفجأ الإنسان ما ينظر إليه بغير قصد فلا يمكن غضها مطلقا ولهذا أمر تعالى عباده بالغض منها كما أمر الأبصار لقمان ابنه بالغض من صوته . وأما قوله تعالى { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } الآية فإنه مدحهم على عند رسوله مطلقا فهم مأمورون بذلك في مثل ذلك ينهون عن رفع الصوت عنده صلى الله عليه وسلم وأما غض الصوت مطلقا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو غض خاص ممدوح ويمكن العبد أن يغض صوته مطلقا في كل حال ولم يؤمر العبد به ; بل يؤمر برفع الصوت في مواضع : إما أمر إيجاب أو استحباب فلهذا قال : { غض الصوت واغضض من صوتك } فإن الغض في الصوت والبصر جماع ما يدخل إلى القلب ويخرج منه فبالسمع يدخل القلب وبالصوت يخرج منه كما جمع العضوين في قوله : { ألم نجعل له عينين } { ولسانا وشفتين } فبالعين والنظر يعرف القلب الأمور واللسان والصوت يخرجان من عند القلب الأمور هذا رائد القلب وصاحب خبره وجاسوسه وهذا ترجمانه .