وقوله : " ومن سيئات أعمالنا " عقوبات الأعمال كقوله : { السيئات هي سيئات ما مكروا } فإن الحسنات والسيئات يراد بها النعم والنقم كثيرا كما يراد بها الطاعات والمعاصي وإن حملت على السيئات التي هي المعاصي فيكون قد استعاذ أن يعمل السيئات أو أن تضره وعلى الأول وهو أشبه فقد استعاذ من عقوبة أعماله أن تصيبه وهذا أشبه .
[ ص: 290 ] فيكون الحديث قد اشتمل على فإن سبب الضرر هو شر النفس وغايته عقوبة الذنب وعلى هذا فيكون قد استعاذ من الضرر المفقود الذي انعقد سببه أن لا يكون فإن النفس مقتضية للشر والأعمال مقتضية للعقوبة فاستعاذ أن يكون شر نفسه أو أن تكون عقوبة عمله وقد يقال : بل الشر هو الصفة القائمة بالنفس الموجبة للذنوب وتلك موجودة كوجود الشيطان فاستعاذ منها أن تضره أو تصيبه كما يقال : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وإن حمل على الشرور الواقعة وهي الذنوب من النفس فهذا قسم ثالث . الاستعاذة من الضرر الفاعلي والضرر الغائي