الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 611 ] وسئل عن وسواس الرجل في صلاته وما حد المبطل للصلاة ؟ وما حد المكروه منه ؟ وهل يباح منه شيء في الصلاة ؟ وهل يعذب الرجل في شيء منه ؟ وما nindex.php?page=treesubj&link=25353حد الإخلاص في الصلاة ؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم { ليس لأحدكم من صلاته إلا ما عقل منها } ؟ .
فأجاب : الحمد لله : الوسواس نوعان : أحدهما : لا يمنع ما يؤمر به من nindex.php?page=treesubj&link=25353تدبر الكلم الطيب والعمل الصالح الذي في الصلاة بل يكون بمنزلة الخواطر فهذا لا يبطل الصلاة ; لكن من سلمت صلاته منه فهو أفضل ممن لم تسلم منه صلاته . الأول شبه حال المقربين والثاني شبه حال المقتصدين .
وأما الثالث : فهو ما منع الفهم وشهود القلب بحيث يصير الرجل غافلا فهذا لا ريب أنه يمنع الثواب كما روى أبو داود في سننه عن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=599158إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها ; [ ص: 612 ] إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال : إلا عشرها } فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه قد لا يكتب له منها إلا العشر .
وقال ابن عباس : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ولكن هل يبطل الصلاة ويوجب الإعادة ؟ فيه تفصيل . فإنه إن كانت nindex.php?page=treesubj&link=25353الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة وإن كان الثواب ناقصا فإن النصوص قد تواترت بأن nindex.php?page=treesubj&link=1868السهو لا يبطل الصلاة وإنما يجبر بعضه بسجدتي السهو وأما إن nindex.php?page=treesubj&link=1868غلبت الغفلة على الحضور ففيه للعلماء قولان : أحدهما : لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر كحقن الدم ; لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه صلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن وهذا قول أبي عبد الله ابن حامد وأبي حامد الغزالي وغيرهما .
والثاني تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب بمنزلة صوم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش . وهذا هو المأثور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره من الأئمة واستدلوا بما في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9476إذا أذن المؤذن [ ص: 613 ] بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين أقبل فإذا ثوب بالصلاة أدبر فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا اذكر كذا ما لم يكن يذكر حتى يظل لا يدري كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين } فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يذكره بأمور حتى لا يدري كم صلى وأمره بسجدتين للسهو ولم يأمره بالإعادة ولم يفرق بين القليل والكثير .
وهذا القول أشبه وأعدل ; فإن النصوص والآثار إنما دلت على أن nindex.php?page=treesubj&link=25353الأجر والثواب مشروط بالحضور لا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهرا والله أعلم .