[ ص: 98 ] وقال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن تيمية رضي الله عنه الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فقد تكرر السؤال من كثير من المسلمين أن أكتب في بيان مناسك الحج ما يحتاج إليه غالب الحجاج في غالب الأوقات فإني كنت قد كتبت منسكا في أوائل عمري فذكرت فيه أدعية كثيرة وقلدت في الأحكام من اتبعته قبلي من العلماء وكتبت في هذا ما تبين لي من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مختصرا مبينا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
[ ص: 99 ] فصل : أن يحرم بذلك وقبل ذلك فهو قاصد الحج أو العمرة ولم يدخل فيهما بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة الجمعة فله أجر السعي ولا يدخل في الصلاة حتى يحرم بها . أول ما يفعله قاصد الحج والعمرة إذا أراد الدخول فيهما
وعليه إذا وصل إلى الميقات أن يحرم . : والمواقيت خمسة ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق { أهل مكة يهلون من مكة } . ولما وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت قال : هن لأهلهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن لمن يريد الحج والعمرة ومن كان منزله دونهن فمهله من أهله حتى
فذو الحليفة هي أبعد المواقيت بينها وبين مكة عشر مراحل أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق فإن منها إلى مكة عدة طرق وتسمى وادي العقيق ومسجدها يسمى مسجد الشجرة وفيها بئر تسميها جهال العامة " بئر علي " لظنهم أن عليا قاتل الجن بها وهو كذب . فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة وعلي أرفع [ ص: 100 ] قدرا من أن يثبت الجن لقتاله ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة ولا يستحب أن يرمي بها حجرا ولا غيره .
وأما الجحفة : فبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل وهي قرية كانت قديمة معمورة وكانت تسمى مهيعة وهي اليوم خراب ; ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى رابغا وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب : كأهل الشام ومصر وسائر المغرب لكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية - كما يفعلونه في هذه الأوقات - أحرموا من ميقات أهل المدينة فإن هذا هو المستحب لهم بالاتفاق . فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع .
وأما المواقيت الثلاثة فبين كل واحد منها وبين مكة نحو مرحلتين . وليس لأحد أن يجاوز الميقات إذا أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام . وإن مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم وفي الوجوب نزاع . قصد
ومن فهو مخير بين ثلاثة أنواع : وهي التي يقال لها : التمتع والإفراد والقران إن شاء أهل بعمرة فإذا حل منها أهل بالحج وهو يخص باسم التمتع وإن شاء أحرم بهما جميعا أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج قبل الطواف [ ص: 101 ] وهو القران وهو داخل في اسم التمتع في الكتاب والسنة وكلام وافى الميقات في أشهر الحج الصحابة وإن شاء أحرم بالحج مفردا وهو الإفراد .