على وجهين : زيارة شرعية وزيارة بدعية . وزيارة القبور
فالشرعية المقصود بها السلام على الميت والدعاء له كما يقصد بالصلاة على جنازته فزيارته بعد موته من جنس الصلاة عليه فالسنة أن يسلم على الميت ويدعو له سواء كان نبيا أو غير نبي كما { } وهكذا يقول إذا زار كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم أهل البقيع ومن به من الصحابة أو غيرهم أو زار شهداء أحد وغيرهم .
وليست الصلاة عند قبورهم أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين . بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبر أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم أفضل من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة [ ص: 149 ] المسلمين ; بل إما محرمة وإما مكروهة . الصلاة في المساجد التي على القبور
والزيارة البدعية : أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت أو يقصد الدعاء عند قبره . أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها ; بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها وقد كره مالك وغيره أن وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قوله : { يقول القائل : زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة } . وقوله : { } ونحو ذلك كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة ليست في شيء من دواوين الإسلام التي يعتمد عليها ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ; ولكن روى بعضها من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي ومن زارني بعد مماتي حلت عليه شفاعتي البزار والدارقطني ونحوهما بأسانيد ضعيفة ولأن من عادة الدارقطني وأمثاله يذكرون هذا في السنن ليعرف وهو وغيره يبينون ضعف الضعيف من ذلك فإذا كانت هذه الأمور التي فيها شرك وبدعة نهي عنها عند قبره وهو أفضل الخلق فالنهي عن ذلك عند قبر غيره أولى وأحرى .