الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 234 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل nindex.php?page=treesubj&link=24894_16412امتنعت عليه زوجته من مجامعتها ; فانجرح من امتناعها عليه فحلف بالطلاق وكانت حاملا أن لا يجامعها بعد الولادة : فهل يقع عليه الطلاق إن جامعها بعد الولادة أم لا ؟ وهل ينظر إلى السبب المهيج لليمين أم لا ؟
فأجاب : إذا nindex.php?page=treesubj&link=24894_16412جامعها بعد الولادة ينظر في ذلك إلى نية الحالف وسبب اليمين فإن كان حلف لسبب وزال السبب فلا حنث عليه : في أظهر قولي العلماء في مذهب أحمد وغيره ; فإن من حلف على معين لسبب : كأن nindex.php?page=treesubj&link=24894يحلف أن لا يدخل البلد لظلم رآه فيه ثم يزول الظلم . أو لا يكلم فلانا ثم يزول الفسق ونحو ذلك : ففي حنثه حينئذ " قولان " في مذهب أحمد وغيره أظهرهما أنه لا حنث عليه ; لأن الحض والمنع في اليمين كالأمر والنهي : فالحلف كل نفسه أو غيره بمنزلة الناهي عن الفعل .
ومن نهى عن دخول بلد أو كلام شخص لمعنى ثم زال ذلك المعنى زال المنهي عنه كما إذا امتنع أن يبدأ رجلا بالسلام ; لكونه كافرا فأسلم . وأن لا يدخل بلدا ; لكونه دار حرب فصار دار إسلام . ونحو ذلك ; فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها [ ص: 235 ] فالرجل إذا حلف لا يواقع امرأته إذا كان قصده عقوبتها ; لكونها تماطله وتنشز عليه إذا طلب ذلك ; فإذا تابت من ذلك وصارت مطيعة موافقة زال سبب الهجر الذي علقها به كما لو هجرها لنشوز ثم زال . وأما إن كان قصده الامتناع من وطئها أبدا ; لأجل الذنب المتقدم . تابت أو لم تتب بحيث لو علم أنها تتوب توبة صحيحة كان مقصوده عقوبتها على ما مضى كما يعاقب الرجل غيره لذنب ماض تاب منه أو لم يتب ; لا لغرض الزجر عن المستقبل ; بل لمجرد شفاء غيظه ; ونحو ذلك : فهذا نوع آخر والله أعلم .