[ ص: 654 ] سورة الإخلاص قوله تعالى: قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد
قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: "الكلام على سورة الإخلاص " . وفي موضع نزولها قولان:
أحدهما: أنها مكية .
والثاني: مدنية، وذلك في فصول في فضائلها وسبب نزولها وتفسيرها .
أما فكثيرة جدا . فضائلها
منها: أنها نسبة الله عز وجل .
خرج من طريق الطبراني عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن الوازع ابن نافع عن عن أبي سلمة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة قل هو الله أحد الله الصمد ليس بأجوف " . "لكل شيء نسبة، ونسبة الله:
الوازع ضعيف جدا، وعثمان يروي المناكير، وسيأتي في سبب نزولها ما يشهد له .
ومنها: أنها صفة الرحمن، وفي صحيح البخاري من حديث ومسلم ، عائشة قل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "سلوه: لأي شيء يصنع ذلك؟ "، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن [ ص: 655 ] أقرأ بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أخبروه أن الله يحبه " . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ
ومنها: أن حبها يوجب محبة الله، لهذا الحديث المذكور آنفا، ومنه قول : "من كان يحب القرآن فهو يحب الله " . ابن مسعود
ومنها: أن حبها يوجب دخول الجنة . ذكر في "صحيحه " تعليقا وقال: البخاري عبيد الله عن ثابت قال: كان رجل من أنس الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح بـ قل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، وذكر الحديث، وفيه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا فلان، ما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ " فقال: إني أحبها، فقال: "حبك إياها أدخلك الجنة" . وخرجه عن في "جامعه " عن الترمذي عن البخاري إسماعيل ابن أبي أويس عن الداروردي عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن وغربه . وقال: روى عبيد الله بن عمر عن مبارك بن فضالة ثابت أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب هذه السورة: أنس قل هو الله أحد فقال: "إن حبك إياها أدخلك الجنة" وقد خرجه عن في "المسند" عن أحمد أبي النضر عن به . مبارك بن فضالة
وروى عن مالك عبيد الله بن عبد الرحمن عن قال: عبيد بن حنين يقول: أقبلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسمع رجلا يقرأ: أبا هريرة قل هو الله أحد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت " قلت: وما وجبت؟ قال: "الجنة" . وأخرجه سمعت النسائي وقال: حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث والترمذي . مالك
وروى من طريق أبو نعيم عمرو بن مرزوق عن شعبة عن مهاجر سمعت رجلا يقول: صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فسمع رجلا يقرأ: قل يا أيها الكافرون فقال: "قد برئ من الشرك " . وسمع آخر يقرأ: قل هو الله أحد فقال: "غفر له " .
ومنها: أنها تعدل ثلث القرآن ففي "صحيح " من حديث البخاري أبي سعيد قل هو الله أحد يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له - وكان الرجل يتقالها - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " . وقد روي عن أن رجلا سمع رجلا يقرأ: عن أخي أبي سعيد به . قتادة بن النعمان
وفي "صحيح " أيضا من طريق البخاري عن الأعمش إبراهيم النخعي والضحاك المشرقي عن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: أبي سعيد " فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله، فقال: "الله الواحد الصمد ثلث القرآن " . "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟
وفي "المسند" من طريق عن ابن لهيعة الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم [ ص: 657 ] عن قال: أبي سعيد يقرأ الليل كله بـ قتادة بن النعمان قل هو الله أحد فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "والذي نفسي بيده لتعدل نصف القرآن أو ثلثه " . بات
وفي "المسند" أيضا من طريق ، حدثنا ابن لهيعة حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن عن : عبد الله بن عمرو كان في مجلس وهو يقول: ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة؟ فقالوا: وهل يستطيع ذلك أحد؟ قال: فإن: أبا أيوب الأنصاري قل هو الله أحد ثلث القرآن، قال: فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يسمع . فقال: "صدق أبا أيوب " . أبو أيوب أن
وروى عن يحيى بن سعيد يزيد بن كيسان عن - قال أبي حازم : اسمه الترمذي - عن سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة قل هو الله أحد ثم دخل فقال بعضنا لبعض: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن "، إني لأرى هذا خبرا جاءه من السماء، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني قلت: سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلث القرآن " . أخرجه "احشدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن "، فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقرا: . مسلم
وروى عن الإمام أحمد عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن منصور عن هلال بن يساف عن عن الربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن امرأة من الأنصار عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي أيوب قل هو الله أحد الله الصمد في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن " . ورواه "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فإنه من قرأ: النسائي [ ص: 658 ] عن والترمذي بندار .
وروى عن الترمذي أيضا عن قتيبة فهو لهما عشاري ابن مهدي، ولأحمد تساعي، وفي رواية عن امرأة الترمذي عن أبي أيوب به، وذكر اختلافا في إسناده . أبي أيوب
وروى عن أحمد هشيم عن حصين عن هلال بن يساف عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أو رجل من الأنصار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي بن كعب قل هو الله أحد فكأنما قرأ بثلث القرآن " . ورواه "من قرأ: في "اليوم والليلة" من طريق النسائي عن هشيم عن حصين به من غير ذكر ابن أبي ليلى هلال بن يساف . وروى أيضا عن الإمام أحمد عن وكيع عن سفيان أبي قيس عن عن عمرو بن ميمون أبي مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " ورواه " ابن ماجه في "اليوم والليلة" من طرق . وفي بعض طرقه وقفه . والنسائي
ورواه من طريق أبو نعيم عن مسعر أبي قيس عن عن عمرو بن ميمون أبي مسعود الأنصاري، كذا قال . ومن طريق عن شعبة أبي إسحاق عن عن عمرو بن ميمون . وروى ابن مسعود من طريق أبو نعيم عن علي بن عاصم عن حصين هلال بن يساف [ ص: 659 ] عن ربيع بن خثيم عن عن ابن أبي ليلى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كعب بن عجرة "من قرأ: قل هو الله أحد في يوم وليلة ثلاث مرات كانت تعدل ثلث القرآن " .
ورواه عن شعبة علي بن مدرك عن عن إبراهيم النخعي عن الربيع بن خثيم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وروى ابن مسعود حدثنا أبو نعيم إبراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا أحمد بن حمدون ابن رستم، ثنا علي بن إشكاب، ثنا شجاع بن الوليد، ثنا زياد بن خيثمة . عن ، عن محمد بن جحادة عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي هريرة قل هو الله أحد ثلث القرآن "، قال " إبراهيم: هكذا حدثني به وكتبه لي بخطه وإنما يحفظ الإسناد قراءة يس .
وروى يوسف بن عطية الصفار: ثنا هارون بن كثير، عن عن أبيه عن زيد بن أسلم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي بن كعب "من قرأ: قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن، وكتب له من الحسنات بعدد من أشرك بالله وآمن به " .
وفي "صحيح " من طريق مسلم عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد معدان بن أبي طلحة عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي الدرداء قل هو الله أحد ثلث القرآن " . وروى "أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن؟ " قالوا: نعم، قال: "إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فـ أمية بن خالد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه عن حميد بن [ ص: 660 ] عبد الرحمن بن عوف عن أمه قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قل هو الله أحد ثلث القرآن "، رواه " أحمد في "اليوم والليلة" . ورواه أيضا من طريق والنسائي عن مالك عن الزهري من قوله، ورواه أيضا من طريق حميد عن ابن إسحاق الحارث بن فضيل عن عن الزهري أن نفرا من أصحاب حميد محمد - صلى الله عليه وسلم - حدثوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن لمن صلى بها" . وروى الحافظ عن أبو يعلى قطن بن نسير عن عبيس بن ميمون عن يزيد الرقاشي عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أنس قل هو الله أحد ثلاث مرات في ليلة فإنها تعدل ثلث القرآن " إسناده ضعيف . ويستدل به على أن المراد بكونها تعدل ثلث القرآن، أجره وثوابه، كما يستدل بحديث "أما يستطيع أحدكم أن يقرأ: المتقدم على أنها جزء التوحيد من القرآن، وأنه - ثلاثة أجزاء: توحيد، وتشريع، وقصص . أبي الدرداء
ومنها: أن قراءتها تكفي من الشر، وتمنعه، وقد ثبت في "صحيح " عن البخاري : عائشة وروى "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه قرأها مع المعوذتين ومسح ما استطاع من جسده " . أبو داود والترمذي من طريق والنسائي معاذ بن عبد الله بن [ ص: 661 ] خبيب عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك كل يوم " وصححه "قل . الترمذي
ورواه من طريق أخرى عن النسائي عن معاذ عبد الله بن خبيب عن أبيه عن فذكره ولفظه: عقبة بن عامر "تكفك كل شيء" .
وقال في "مسنده ": حدثنا البزار ثنا إبراهيم الجوهري: غسان بن عبيد عن ، عن أبي عمران الجوني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنس بن مالك "إذا وضعت جنبك على الفراش، وقرأت فاتحة الكتاب، و قل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموت " . ومنها: أنها أفضل سور القرآن، فروى في "مسنده " عن الدارمي أبي المغيرة عن صفوان عن أيفع بن عبيد الكلاعي قال: قل هو الله أحد " . قال رجل: يا رسول الله، أي سور القرآن أعظم؟ قال: "
وفي "المسند" من طريق معاذ بن رفاعة عن علي بن يزيد، عن . عن القاسم ، أبي أمامة قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم؟ " قلت: بلى . قال: "فأقرأني: عقبة بن عامر قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس " ثم قال لي: "يا عقبة، لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن" . وروى عن بعض هذا الحديث وحسنه، ورواه الترمذي أيضا بطوله من طريق [ ص: 662 ] أحمد أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد عن به . عقبة بن عامر
ومنها: أن الدعاء بها مستجاب، ففي السنن الأربعة عن عن أبيه عبد الله بن بريدة وقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يصلي يدعو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، قال: "والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب " . : حسن غريب . الترمذي
وفي "المسند" عن محجن بن الأدرع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم . فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات: "قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له " .