وفي ذلك أبلغ تأكيد لغفلتهم عن آيات الله الكونية والأحكام التكليفية فكفروا وفسقوا عن أمر ربهم، وقد حكم الله حكما صارما قاطعا فقال:
أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون فهذه الآية الكريمة في مقام خبر إن الذين لا يرجون لقاءنا وهي خبر (إن) بمقتضى السياق، ويكون الخبر مؤكدا بـ (إن) ويتضمن اسمها ( أي: اسم إن) سبب الحكم وهو الخبر; لأن اسم الموصول تضمنت صلته أنهم لم يتوقعوا لقاء الله فانهمكوا في الشهوات وقنعوا بالدنيا وغفلوا عن آيات الله، وكل ذلك تأكيد لسبب الحكم وهو أن يكون مأواهم النار.
وهنا نجد أسبابا تضافرت وأوجبت عقابهم:
أولا - اغتروا فلم يتوقعوا لقاء الله.
ثانيا - رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وهووا في اللذات مرتعا.
ثالثا - غفلوا عن آيات الله القرآنية الكونية والتكليفية.
وهذه أسباب متتابعة بعضها يتبع بعضا وكلها آثام، وقد قال تعالى: أولئك مأواهم النار والإشارة إلى الأوصاف السابقة واستحضارها إشعار بأنها السبب في هذا الجزاء. [ ص: 3522 ]
مأواهم النار معناه المكان الذي يأوون وينتهون للإقامة فيه وكان القصد من المأوى الاستراحة لا العذاب.
وقد علل الله العقاب بقوله: بما كانوا يكسبون والباء للجزاء والمقابلة بين ما فعلوا وما انتهوا إليه، والجمع بين الماضي في (كانوا) والمستقبل في (يكسبون) دليل على الدوام والاستمرار فكانوا في غي مستمر، وبعد أن بين سبحانه حال وجزاء الذين لا يرجون لقاءه ذكر في مقابله الذين آمنوا