ولقد ضرب الله مثلا من ذلك فرعون مع موسى فقال تعالى:
ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا .
(الواو) واصلة الكلام بما قبله، وهي عاطفة جملة على جملة، و (آتينا) معناها أعطيناه حجة ودليلا تسع آيات أي معجزات بينات في دلالتها على رسالة موسى إلى فرعون وبني إسرائيل، وتلك كما ذكرها الآيات التسع إجمالا فيما روي عنه هي: العصا التي لقفت ما ألقاه السحرة إذ أمره بأن يلقي السحرة حبالهم وعصيهم، ابن عباس فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون واليد إذ قال الله تعالى: واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى كما قال تعالى: فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين
[ ص: 4469 ] والآية الثامنة أنه سبحانه وتعالى أخذهم بالجدب والسنين الشديدة، التي يقل الخير والثمر، ولذا قال تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون
والآية التاسعة، فلق البحر، وفتح الطريق لبني إسرائيل، وكان عليهم أن يعتبروا بهذه الآية، ولكنهم اغتروا فاتخذوا الشق سبيلا ليتبعوا بني إسرائيل، فاتبعوهم فكانوا من المغرقين.
هذه آيات، واجه موسى بها فرعون، فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم أي إذ واجه بها موسى فرعون فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا أي أنه بدل أن يذعن بها ويؤمن بالحق إذ جاءته بينات، كابر واستمر في غيه، وضلاله القديم وما أجدت تلك الآيات الحسية شيئا، بل قال مؤكدا: إني لأظنك الظن هنا بمعنى العلم، وقد أكد علمه بسحر موسى بـ (إن) و (اللام) و (مسحورا) قال الفراء إنها بمعنى ساحر، وأقول: إن معناها بمعنى مفعول لأن معناها أنك فيما تدعيه مسحور، أي مخدوع أو مخيل لك، فأنت لا تقول الحق، بل إنك واهم. والزجاج:
أجابه موسى عليه السلام مستيقنا بما يقول، ومبينا له أنه يناقض حسه بما زعم من أنه مسحور أو واهم.