nindex.php?page=treesubj&link=30311_30351_30443_30539_34100_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون بعد أن بين سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أعمال الكافرين، أشار إلى مبعث جحودهم، وهو اغترارهم بأموالهم وأولادهم، واعتزازهم بما يملكون من
[ ص: 1372 ] حطام الدنيا وما فيها، وقد أشار إلى هذه الأموال وأولئك الأولاد ببيان أنها لن تغني عنهم من الله شيئا، ولذا قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا يقال: أغناه عن هذا الأمر فلان أي كفاه، ومن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=28ما أغنى عني ماليه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=29هلك عني سلطانيه وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=207ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لا تغن عني شفاعتهم شيئا
وهي في كل هذا بمعنى: لا يكفي عنه، وهي هنا من هذا الاستعمال، فمعنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا لن تكفي عنهم بدل الله شيئا من الغناء، فـ " من " هنا هي التي تستعمل بمعنى " بدل " ، والغناء يتضمن هنا أمرين: أحدهما: سد الحاجة، والثاني: دفع الأذى، وإن الله سبحانه وتعالى قد قرر أن هؤلاء الكفار لن تدفع عنهم أموالهم أذى، ولن تسد عنهم حاجة قط، في وقت هم في أشد الحاجة إلى معونة، وقرر ذلك بصيغة التأكيد، وذلك بالتعبير بـ " لن " لأن " لن " تفيد تأكيد النفي.
وإن أولئك الكفار ما كانوا يعتزون إلا بالمال والولد، فهذا قائلهم يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=34أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ولقد كانوا يربطون بين المال وكل المعاني السامية، فكانوا يظنون أن كل الخير وكل الفضائل للأغنياء، وكل الرذائل للفقراء، فلا يتصور من الأغنياء إلا الخير، ولا يتصور من الفقراء إلا الشر، ولقد أخذ منهم العجب عندما أرسل الله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - وهو فقير، فقد قال الله تعالى عنهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا لولا نـزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون
وفي هذا بيان خطإ نظرهم، فالغنى والفقر لا يتجاوز كل منهما أنه قسمة الله تعالى للمعايش في هذه الحياة، أما رفع الدرجات فأمر آخر ليس مرتبطا بالمال قلة أو كثرة، ويشير إلى أن الرفعة تكون للفقراء ليسخر الأغنياء منهم، فيزداد الأولون من الله قربا، ويزداد الآخرون من الله بعدا.
[ ص: 1373 ] وإن الله سبحانه إذ قد حكم بذلك، وهو أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، فقد أشار إلى أن السبب في ذلك كفرهم؛ لأن التعبير بالموصول يشير إلى أن سبب هذا الحكم هو الكفر. ولماذا اعتبر النص الكريم الكفر سببا لعدم غناء الأموال والأولاد، مع أن طبيعة هذا الوجود تجعلها غير مغنية مؤمنا أو كافرا؟ والجواب عن ذلك أن المؤمنين لا يعتقدون أن أموالهم وأولادهم تغني عنهم من الله شيئا، فلم يكن ثمة حاجة للنفي بالنسبة لهم، وفوق ذلك فإن المؤمنين يتخذون من الأموال والأولاد سبيلا لرفع منار الحق وعزته، فهي تكفيهم بعض الكفاء، وإن كانت لا تغنيهم عن الله تعالى، ولأن كلمة " تغني " في معناها دفع الأذى، والله سبحانه وتعالى منزل الأذى بالكافرين عقابا لجرائمهم ولشرورهم، وما تعرض المؤمن لهذا الأذى، فلا حاجة لهذا الدفع.
وفى ذلك النص السامي بحث لفظي، وهو تكرار النفي في قوله تعالى: " أموالهم ولا أولادهم " فـ " لا " هنا تفيد ثلاثة أمور: أولها - مزيد تأكيد للنفي الثابت بـ " لن " . وثانيها - أن تكرار " لا " يفيد أنهم كانوا يعتزون بالأموال والأولاد مجتمعين ويعتزون بأحدهما منفردا، فنفى سبحانه وتعالى الغناء عنهما مجتمعين ومنفردين أيضا. وثالثها - أن المال يكون قوة في مواضع، والولد يكون قوة في مواضع، فتكرار النفي يستبين أنه لا قوة تدفع مقت الله وغضبه لا من المال ولا من الولد. وقد بين سبحانه بعد ذلك عذاب الله- تعالى-الواقع الذي ليس له من دافع، ولا يغني فيه المال ولا الولد، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون الإشارة هنا إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30539الذين كفروا، ليس لهم أمام الله ولي ولا نصير، ولا عون ولا دفاع، فالله سبحانه وتعالى يحكم عليهم وهو خير الحاكمين بأنهم أصحاب النار الخالدون فيها. فمعنى المصاحبة هنا الملازمة الدائمة المستمرة، و " لعل " في هذا التعبير إشارة إلى أنهم بعد أن كانوا يصطحبون في الدنيا أموالهم مفاخرين بها وأولادهم مستنصرين بهم، يصاحبون بدلهم في الآخرة نار الله الموقدة، وعذابه الأليم، وبعد أن تركوا نعيما غير مقيم استقبلهم شقاء دائم مستمر.
nindex.php?page=treesubj&link=30311_30351_30443_30539_34100_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَعْمَالَ الْكَافِرِينَ، أَشَارَ إِلَى مَبْعَثِ جُحُودِهِمْ، وَهُوَ اغْتِرَارُهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، وَاعْتِزَازُهُمْ بِمَا يَمْلِكُونَ مِنْ
[ ص: 1372 ] حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الْأَمْوَالِ وَأُولَئِكَ الْأَوْلَادِ بِبَيَانِ أَنَّهَا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا يُقَالُ: أَغْنَاهُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ فَلَانٌ أَيْ كَفَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=28مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=29هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=207مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا
وَهِيَ فِي كُلِّ هَذَا بِمَعْنَى: لَا يَكْفِي عَنْهُ، وَهِيَ هُنَا مِنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا لَنْ تَكْفِيَ عَنْهُمْ بَدَلَ اللَّهِ شَيْئًا مِنَ الْغَنَاءِ، فَـ " مِنْ " هُنَا هِيَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى " بَدَلَ " ، وَالْغِنَاءُ يَتَضَمَّنُ هُنَا أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: سَدُّ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي: دَفْعُ الْأَذَى، وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ قَرَّرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ لَنْ تَدْفَعَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ أَذًى، وَلَنْ تَسُدَّ عَنْهُمْ حَاجَةً قَطُّ، فِي وَقْتٍ هُمْ فِي أَشَدِّ الْحَاجَةِ إِلَى مَعُونَةٍ، وَقُرِّرَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ التَّأْكِيدِ، وَذَلِكَ بِالتَّعْبِيرِ بِـ " لَنْ " لِأَنَّ " لَنْ " تُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ.
وَإِنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ مَا كَانُوا يَعْتَزُّونَ إِلَّا بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ، فَهَذَا قَائِلُهُمْ يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=34أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَلَقَدْ كَانُوا يَرْبِطُونَ بَيْنَ الْمَالِ وَكُلِّ الْمَعَانِي السَّامِيَةِ، فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ كُلَّ الْخَيْرِ وَكُلَّ الْفَضَائِلِ لِلْأَغْنِيَاءِ، وَكُلَّ الرَّذَائِلِ لِلْفُقَرَاءِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ إِلَّا الْخَيْرُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْفُقَرَاءِ إِلَّا الشَّرُّ، وَلَقَدْ أَخَذَ مِنْهُمُ الْعَجَبُ عِنْدَمَا أَرْسَلَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فَقِيرٌ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا لَوْلا نُـزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
وَفِي هَذَا بَيَانُ خَطَإِ نَظَرِهِمْ، فَالْغِنَى وَالْفَقْرُ لَا يَتَجَاوَزُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ قِسْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَعَايِشِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، أَمَّا رَفْعُ الدَّرَجَاتِ فَأَمْرٌ آخَرُ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِالْمَالِ قِلَّةً أَوْ كَثْرَةً، وَيُشِيرُ إِلَى أَنَّ الرِّفْعَةَ تَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ لِيَسْخَرَ الْأَغْنِيَاءُ مِنْهُمْ، فَيَزْدَادَ الْأَوَّلُونَ مِنَ اللَّهِ قُرْبًا، وَيَزْدَادَ الْآخَرُونَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا.
[ ص: 1373 ] وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِذْ قَدْ حَكَمَ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، فَقَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ كُفْرُهُمْ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَوْصُولِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ سَبَبَ هَذَا الْحُكْمِ هُوَ الْكُفْرُ. وَلِمَاذَا اعْتَبَرَ النَّصُّ الْكَرِيمُ الْكُفْرَ سَبَبًا لِعَدَمِ غَنَاءِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، مَعَ أَنَّ طَبِيعَةَ هَذَا الْوُجُودِ تَجْعَلُهَا غَيْرَ مُغْنِيَةٍ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا؟ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ تُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ حَاجَةٌ لِلنَّفْيِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ، وَفَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَّخِذُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ سَبِيلًا لِرَفْعِ مَنَارِ الْحَقِّ وَعِزَّتِهِ، فَهِيَ تَكْفِيهِمْ بَعْضَ الْكِفَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُغْنِيهِمْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّ كَلِمَةَ " تُغْنِي " فِي مَعْنَاهَا دَفْعُ الْأَذَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْزِلٌ الْأَذَى بِالْكَافِرِينَ عِقَابًا لِجَرَائِمِهِمْ وَلِشُرُورِهِمْ، وَمَا تَعَرَّضَ الْمُؤْمِنُ لِهَذَا الْأَذَى، فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الدَّفْعِ.
وَفَى ذَلِكَ النَّصِّ السَّامِي بَحْثٌ لَفْظِيٌّ، وَهُوَ تِكْرَارُ النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ " فَـ " لَا " هُنَا تُفِيدُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: أَوَّلُهَا - مَزِيدُ تَأْكِيدٍ لِلنَّفْيِ الثَّابِتِ بِـ " لَنْ " . وَثَانِيهَا - أَنَّ تِكْرَارَ " لَا " يُفِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَزُّونَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ مُجْتَمِعِينَ وَيَعْتَزُّونَ بِأَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا، فَنَفَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْغَنَاءَ عَنْهُمَا مُجْتَمِعِينَ وَمُنْفَرِدِينَ أَيْضًا. وَثَالِثُهَا - أَنَّ الْمَالَ يَكُونُ قُوَّةً فِي مَوَاضِعَ، وَالْوَلَدَ يَكُونُ قُوَّةً فِي مَوَاضِعَ، فَتِكْرَارُ النَّفْيِ يَسْتَبِينُ أَنَّهُ لَا قُوَّةَ تَدْفَعُ مَقْتَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ لَا مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الْوَلَدِ. وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَذَابَ اللَّهِ- تَعَالَى-الْوَاقِعَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مِنْ دَافِعٍ، وَلَا يُغْنِي فِيهِ الْمَالُ وَلَا الْوَلَدُ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=116وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ الْإِشَارَةُ هُنَا إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30539الَّذِينَ كَفَرُوا، لَيْسَ لَهُمْ أَمَامَ اللَّهِ وَلِيٌ وَلَا نَصِيرٌ، وَلَا عَوْنٌ وَلَا دِفَاعٌ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ الْخَالِدُونَ فِيهَا. فَمَعْنَى الْمُصَاحِبَةِ هُنَا الْمُلَازَمَةُ الدَّائِمَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ، وَ " لَعَلَّ " فِي هَذَا التَّعْبِيرِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَصْطَحِبُونَ فِي الدُّنْيَا أَمْوَالَهُمْ مُفَاخِرِينَ بِهَا وَأَوْلَادَهُمْ مُسْتَنْصِرِينَ بِهِمْ، يُصَاحِبُونَ بَدَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ نَارَ اللَّهِ الْمُوقَدَةَ، وَعَذَابَهُ الْأَلِيمَ، وَبَعْدَ أَنْ تَرَكُوا نَعِيمًا غَيْرَ مُقِيمٍ اسْتَقْبَلَهُمْ شَقَاءٌ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ.