بعده عن التكسب به
[فصل]
ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من . اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها
[ ص: 56 ] فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: . اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه
وعن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: جابر رواه بمعناه من رواية اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه . سهل بن سعد
معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما بسمعة ونحوها.
[ ص: 57 ] وعن فضيل بن عمرو - رضي الله عنه – قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مسجدا، فلما سلم الإمام قام رجل فتلا آيات من القرآن، ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول: سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه .
وهذا الإسناد منقطع؛ فإن الفضيل بن عمرو لم يسمع الصحابة.
وأما أخذه فقد اختلف العلماء فيه: الأجرة على تعليم القرآن
فحكى الإمام منع أخذ الأجرة عليه عن جماعة من العلماء؛ منهم أبو سليمان الخطابي الزهري . وأبو حنيفة
وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول ، الحسن البصري ، والشعبي . وابن سيرين
وذهب عطاء ومالك وآخرون إلى جوازها إن شارطه، واستأجره إجارة صحيحة. والشافعي
وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة، واحتج من منعها أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ ص: 58 ] إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها عبادة بن الصامت وهو حديث مشهور، رواه بحديث وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف. أبو داود
وأجاب المجوزون عن حديث بجوابين: عبادة
1 – أحدهما: أن في إسناده مقالا.
2 – والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه، فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم. والله أعلم.